صار مثلا لمن بقي وغبر إن في ذلك والله لعبرة لذوي النظر فينبغي أن لا ييأس الضعيف من فضل الله البر اللطيف إذا رأى القوي وعاجزا عن حال من الأحوال إن الله تعالى يعطي الضعيف من القوة ما لا يعطي أهل المقامات العاليات في الأعمال وهذه المرأة المعظمة أم موسى حجة على من كلف بمثل تكليفها أو دونه أظهر العجز عنه وحجة على من وعده الله جل جلاله بوعود فلم يثق بها ولم يفعل كما فعلت أم موسى في الثقة بالوعد أنه يعيد ولدها إليها وفيه توبيخ وتعنيف أن يكون الرجال القوامون على النساء دون امرأة ذات برقع وخمار في طاعة سلطان الأرض والسماء
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع من الوجهة الأولى من القائمة الثالثة من الكراس الثالث والعشرين من المجلد الثاني منه قوله جل جلاله (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) ذكر جدي الطوسي أن القريتين مكة والطائف وأن الرجلين اللذين وصفهما الكفار بالعظمة في قول ابن عباس الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي من مكة وحبيب بن عمرو بن عمير الثقفي وقال مجاهد يعني بالذي من أهل مكة عتبة بن ربيعة والذي من أهل الطائف ابن عبد ياليل وقال قتادة الذي من مكة يريد الوليد بن المغيرة والذي من أهل الطائف كنانة بن عمر وإنما قالوا ذلك لأن الرجلين كانا عظيمي قومهما وذوي أموال جسيمة فيهما فدخلت الشبهة عليهم واعتقدوا أن كل من كان كذلك كان أولى بالنبوة وهذا غلط لأن الله تعالى يقسم الرحمة بالنبوة بين الخلق كما قسم الرزق في المعيشة على حسب ما يعلم من مصالح عباده فليس لأحد أن يحكم في شيء من ذلك فقال تعالى على وجه الإنكار عليهم والتهجين لقولهم ـ (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ) أي ليس لهم ذلك.
يقول علي بن طاوس لو كان التعظيم بكثرة الأموال وكانت أموال