فيما نذكره من الجزء الرابع عشر من تفسير الجبائي وهو الثاني من المجلد السابع من الكراس الخامس منه من الوجهة الأولة من رابع قائمة منها في تفسير قول الله تعالى ـ (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) بلفظ الجبائي وعنى بقوله ـ (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ) وهو يعني سليمان لأنه كان عنده علم من الكتاب الذي أنزله الله عليه وعرفه معناه ـ (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) وأراد أن يتبين للعفريت أنه أقدر على أن يأتي بها منه وأنه يتهيأ له سرعة الإتيان ما لا يتهيأ للعفريت لأنه كان إذا سأل الله تعالى ذلك أتته به الملائكة على ما يريد في أسرع من المدة التي أخبر العفريت أنه يأتي به فيها ثم سأل الله تعالى أن يأتيه بذلك على نحو ما قال فأتى الله بعرشها إليه على ما قال.
يقول علي بن موسى بن طاوس كيف خفي على الجبائي أن الذي أتى سليمان بعرش بلقيس غير سليمان وأن مذهب عبد الله بن عباس ومجاهد أن الذي أتى بالعرش رجل من الإنس كان عنده علم من الكتاب وهو اسم الله الأعظم.
أقول الجبائي عاند ابن عباس وبلغت به العصبية إلى مخالفته في هذا المقدار والمشهور بين المفسرين أن الذي أتى بالعرش غير سليمان فقوم قالوا إنه الخضر وقال مجاهد اسمه اسطوع وقال قتادة اسمه مليخا فهذا تأويل الصدر الأول الذين هم أقرب علما بنزول القرآن يذكرون أنه غير سليمان وسياق لفظ الآية يقتضي عند ذوي البصيرة والعقل أن القائل (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) غير سليمان لأن الذي ادعاه الجبائي غلط ظاهر وكيف يقول سليمان للعفريت أنا آتيك به وهل كان إتيان عرش بلقيس للعفريت أو هل طلب ذلك العفريت أو ادعاه لنفسه حتى يقول له سليمان أنا آتيك به وإنما لو كانت الآية تضمنت أنا آتي به ولم يقل آتيك به كان عسى أن يحتمل أن يكون القائل سليمان ولا أدري كيف اشتبه هذا على الجبائي حتى تعثر فيه ويقال للجبائي أيضا وهل كان يشتبه على العفريت أن سليمان