فأدركه الموت بها فصفق بيمينه عن شماله ثم قال اللهم هذه لك وهذه لرسولك أبايعك على ما بايعك عليه رسولك فمات حميدا فنزل (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) بالمدينة (ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ) بالتنعيم (فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ) يعني أجر الجهاد وأجر المهاجرة على الله الجنة ـ (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) لما كان في الشرك.
فصل فيما نذكره من الجزء السادس عشر من تفسير الكلبي من الوجهة الأولة من القائمة الثانية عشرة منه ونختصره لطول لفظه من تفسير قوله تعالى ـ (يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) قال هي دمشق وفلسطين وبعض الأردن وكان الله قد سماها لإبراهيم ولولده فساروا مع موسى فلما كان بجبال أريحا من الأردن بلغهم خبر قوم الجبارين فخافهم قوم موسى فبعث اثني عشر جاسوسا من اثني عشر سبطا فمضوا فأقاموا أربعين يوما وعادوا فقال عشرة منهم إن الرجل الواحد منهم يدخل منا مائة رجل في كمه وقال يوشع بن نون وكالب بن يوحنا وكانا من جملة الاثني عشر ما الأمر كما قالوا وقد أخافنا الجبارون وقالوا متى دخلنا عليهم خرجوا من الجانب الآخر فقال قوم موسى كيف نصدق اثنين ونترك قول عشرة أقول أنا فمالوا إلى الكثرة في الصور ولو فكروا أن الاثنين معهما موسى وهارون بل معهما الله تعالى وملائكته وخاصته وأن جانب الاثنين أكثر وأقوى ظفرا فقال قوم موسى (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا) فقال يوشع وكالب ادخلوا عليهم من الباب ـ (فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ) فلم يلتفت قوم موسى إلى ذلك فغضب موسى وقال (إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) فابتلاهم الله بالتيه في الأرض (أَرْبَعِينَ سَنَةً) فمات هارون فقالوا بنو إسرائيل لموسى أنت قتلته فأنزل الله سريرا وعليه هارون ميت حتى صدقوه ومات بعد ذلك موسى في أوقات التيه وفتح الأرض المقدسة يوشع بن نون وبلغ بالصدق ما لم يبلغ إليه قوم موسى من فتحها والتمكن منها