الْفاسِقُونَ) وما كانت حال الأربعة عندك محتملة لهذا الخطاب ويقال للجبائي بعد قصور معرفتك بالعربية وتفسير القرآن حملك على هذه التأويلات وإلا فمن أين عرف أن هذه الآية دالة على الخلافة دون أن يكونوا خلف من تقدم عليهم من الأمم كما قال تعالى لبني إسرائيل كافة ـ (وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ) فينظر كيف تعملون وما كانوا جميعهم خلفاء ولعل ما يسمى أحد منهم بخليفة فيما عرفناه من التواريخ وقال تعالى (وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ) فهل يدعي ذو بصيرة أن هذه تقتضي خلافة فظاهرها كما ادعاه الجبائي وقال تعالى (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) فهل هذه خلافة كما ادعاه ويقال للجبائي قد سمى الله تعالى الكفار خلفاء تصريحا وما لزم من ذلك خلافة أبدا فقال جل جلاله في قصة مخاطبة هود لقومه ـ (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً) فهل يقبل مذهب الجبائي في العدل أن الله جعل الكفار خلفاء وهل يفهم من هذا كله إلا أنهم كانوا خلفهم أي بعدهم من ظاهر لفظ الاستخلاف لو لا العمى وقلة الإنصاف ويقال للجبائي لعل صرف ظاهر هذه الآية إلى الذين باشروا حروب ... من المؤمنين الصالحين من الصحابة أو كانوا مناجين لبلادهم وخائفين منهم أقرب إلى دخولهم تحت ظاهرها لأن الخوف كان متعلقا بهم ولأنهم أول من استخلفوا بمعنى كانوا خلف الكفار في ديارهم وآمنوا من أخطارهم.
فصل ووجدت في كتاب التبيان تفسير جدي أبو جعفر الطوسي في تفسير هذه الأشياء شيئا كنا ذكرناه نحن وشيئا ما ذكرناه ونحن نذكر الآن لفظ كلامه ثم نزيده معاضدة بالحق الذي نصرناه فنقول ما هذا لفظه واستدل الجبائي ومن تابعه على إمامة الخلفاء الأربعة بهذه الآية بأن قال الاستخلاف المذكور في الآية لم يكن إلا لهؤلاء لأن التمكن المذكور في الآية إنما حصل في أيام أبي بكر وعمر لأن الفتوح كانت في أيامهم كأبي بكر فتح بلاد العرب وطرفا من بلاد العجم وعمر فتح مدائن كسرى