الأقربين واعلم أنني إنما قلت في تأويل الخبر إذا لم نسقطه إنه يكون معناه لا وصية لوارث إذا كان المسمى له من تركة الذي يوصي له الثلث وأكثر منه لأنني لو أطلقت القول في التأويل بأنه فيما زاد على الثلث أمكن أن يقول فيما يبقى لتخصيص قول لا وصية لوارث معنى لأن الوصية بزيادة على الثلث لا تصح لأحد سواء كان وارثا أو غير وارث وقول جدي الطوسي كنا نجيز الوصية للوالدين والأقربين بالتركة كلها كيف كنا نجيز ذلك والإجماع على المنع من الزيادة على الثلث مانع لنا من الجواز مخصص لكل عموم فالذي قلناه وحررناه أقرب إلى تأويل الخبر ولم نذكر جميع ما كنا نقدر عليه من تأويله وأما قول جدي إنها تحمل على المندوب فأقول قد تكون الوصية بواجب فيما هو واجب وقد تكون مندوبا فيما هو مندوب فتحمل على كل ما يحتمله.
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث وهو أول المجلد الثاني من تفسير الجبائي من الوجهة الثانية من الكراس العاشر بلفظه وأما قول الله سبحانه وتعالى ـ (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) فإنما عنى به النبي (ص) فقال له ـ (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً) وأراد لا تحسبنهم أمواتا في وقت ما أخبرتهم بهذا الخبر وبين له بقوله (بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) أنهم في وقت ما أخبره عنهم بهذا الخبر كانوا أحياء في قبورهم يرزقون وعنى بقوله (عِنْدَ رَبِّهِمْ) أنهم في الوضع الذي لا يملك لهم أحد من العباد نفعا ولا ضرا إلا الله فجعل ذلك كونا لهم عنده على هذا المعنى لا على أنهم إذا كانوا في القبور كانوا قريبين من الله بالمسافة وإذا كانوا على وجه الأرض أحياء كانوا بعيدين منه لأن الله لا يجوز عليه حلول الأماكن ولا الكون فيها ويجوز أيضا أن يكون عنى بذلك أنهم عند الله أحياء على أنه يعلمهم أحياء وإن كان ذلك يخفى على الناس وهذا إحياء المؤمنين في