ولا شراب ولا تغير الأجساد ولا مرض ولا تأثير الأرض فيهم مع تقلبهم ذات اليمين وذات الشمال لأن كثرة التقليب في مثل تلك المدة إذا لم تكن بقدرة القادر لذاته لا بد أن يؤثر في الأجساد الترابية وهو حجة على منكري البعث وعلى من يدعي أن الطعام أصل في بقاء الأنام وإنما البقاء ممسوك بما يريد القادر لذاته المالك للإنعام.
فصل فيما نذكره من المجلد الأول من شرح تأويل القرآن وتفسير معانيه تصنيف أبي مسلم محمد بن بحر الأصفهاني من الوجهة الأولة من القائمة الحادية عشرة منه بمعناه من تفسير الحروف المقطعة (الم) اختلف قوم من المفسرين ومؤلفي الكتب في تأويل الحروف في سور القرآن فذكر قوم أنها أسماء للسور وقال قوم إن لكل حرف معنى يخصه وقال قوم إن ذلك لأسماء السور التي هي منها خاصة ليعلم أن كل سورة قبلها انقضت وقال بعضهم إنما المشركون كانوا تواصوا ألا يسمعوا القرآن فجاءت هذه الحروف غريبة في عاداتهم ليسمعوها ويسمعوا ما بعدها وقال الشعبي إنها حروف مقطعة من أسماء الله تعالى إذا جمعت صارت اسما وذكر عن قطرب أنه حكى عن العرب أنها افتتاح للكلام وقال بعض المتكلمين إن الله تعالى علم أنه يكون في هذه الأمة مبتدعين وأنهم يقولون إن القرآن ما هو كلام ولا حروف فجعل الله تعالى هذه الحروف تكذيبا لهم ثم قال أبو مسلم محمد بن بحر الأصفهاني في الرد على هؤلاء كلهم ما معناه أنها لو كانت أسماء للسور ما كنا نرى من السور خاليا منها ولا كانت تكون من القرآن وكان المسلمون قد سموها بها قال ومحال أن يكون الله جعلها أسماء للسور ولو كان كذلك لما اختلف المسلمون فيها قال وأما قول من ذكر أنها تقتضي كل حرف معبر بشبهه فلم يرد في ذلك خبر عن النبي مقطوع به ولا في لسان العربية ما يقتضيه قال ولو كان بغير لغة العرب لكان النبي قد فسره لهم ودفع الاختلاف فيه قال ويبطل ذلك قوله تعالى (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) قال ومن قال إنها علامة على أن السور التي قبلها انقضت فما في هذه الحروف ما يقتضي