فصل فيما نذكره من الجزء الخامس عشر منه من الوجهة الأولة منه بلفظه قوله عزوجل (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) وفي قراءة عبد الله وأمددناهم بعيس والعيس البيضاء والحوراء.
أقول وما أدري كيف ذكر قراءة عبد الله واختلاف اللفظين على اختلاف الصحف وكذا يتضمن تأويل القرآن اختلافا كثيرا وكيف احتمل المسلمون نحو من صحة هذا والطعن على لفظ المصحف الشريف ومن هذه الوجهة طعناه وقوله تعالى (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى).
يقول القائل كيف استثنى موتا في الدنيا قد مضى من موت في الآخرة ثم ذكر أن إلا بمعنى سوى.
أقول واعلم أن السؤال على الفراء باق بحاله لأنه يقال له إذا قدرنا أن الأمر كما ذكرت لا يذوقون فيها الموت سوى الموتة الأولى وقد قال جل جلاله قبلها (لا يَذُوقُونَ فِيهَا) والموتة الأولى ما كانت فيها فأي معنى لقول الفراء إنهم لا يذوقون في الجنة موتة سوى الموتة في الدنيا وأقول أنا لعل المراد أن هذا الوصف لما كان عن المتقين وكانوا أيام حياة الدنيا مشغولين بعمارة الآخرة فلما حضرهم الموت في الدنيا كان ذلك في وقت اشتغالهم بعمارة آخرتهم فكان ذلك الموت كأنه في الدار الآخرة لأن الإنسان إذا جاءه الموت وهو مشغول بعمارة دار وقائم في بنائها وبنى أبوابها لمعنى قصوره جاز أن يقال مات فيها أو لعل حال المتقين لما كانوا مكاشفين بالآخرة فكأنهم كانوا في الدنيا وأرواحهم ساكنة في الجنان وحاضرة في ذلك المكان فلما جاءهم موت الدنيا كان كأنه وهم في دار الآخرة ـ وقد قال مولانا علي (ع) في وصف المتقين إن أرواحهم معلقة بالمحل الأعلى وقال الشاعر :
جسمي بقي غير أن الروح عندكم |
|
فالروح في غربة والجسم في وطني |
فصل فيما نذكره من الجزء السادس عشر من كتاب الفراء من أول وجهة منه بلفظه وقوله تعالى (بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ) الكوب ما لا أذن له ولا عروة له والأباريق ذات الآذان والعرى هذا آخر لفظه في المعنى فهلا