وسننه وشرائعه وحدوده فأقام بمكة يتلو تلك الصحف على بني آدم ويعلمها ويعبد الله ويعمر الكعبة فيعمر في كل شهر ويحج في أوان الحج حتى أتم له تسعمائة سنة واثنتا عشرة سنة فمرض فدعا ابنه أنوش فأوصى إليه وأمره بتقوى الله ثم توفي فغسله أنوش ابنه وقينان بن أنوش ومهلائيل بن قينان فتقدم أنوش فصلى عليه ودفنوه عن يمين آدم في غار أبي قبيس.
فصل فيما نذكره من وصف الموت من القائمة الثانية من ثاني عشر كراس بلفظه فكأنك بالموت قد نزل فاشتد أنينك وعرق جبينك وتقلصت شفتاك وانكسر لسانك ويبس ريقك وعلا سواد عينيك بياض وأزبد فوك واهتز جميع بدنك وعالجت غصة الموت وسكرته ومرارته وزعقته ونوديت فلم تسمع ثم خرجت نفسك وصرت جيفة بين أهلك إن فيك لعبرة لغيرك فاعتبر في معاني الموت إن الذي نزل نازل بك لا محالة وإن طال العمر فعن قليل يفنى لأن كل ما هو آت قريب لوقت معلوم فاعتبر بالموت يا ابن آدم واعلم أيها الإنسان أن أشد الموت ما قبل والموت أهون مما بعده من شدة أهوال يوم القيامة ثم ذكر من أهوال الصيحة والفناء ويوم القيامة ومواقف الحساب والخوف ما يعجز عن سماعه قوة الأقوياء ولقد عجزت عن قراءة كله لشدة هوله ثم ذكر أمة محمد (ص) وحديث ذريته.
فصل فيما نذكره من ذلك بلفظه ثم يقول الله لمحمد يا محمد وقد أنجزت لك وعدي وأتممت عليك نعمتي وشفعتك فيما سألت لإخوانك من الأنبياء والمؤمنين ويجاور ذلك من أهل التوحيد وألحقت بك أولياءك الذين آمنوا بك وتولوك بموالاتي ووالوا بذلك وليك وعادوا عدوك وشفيت صدرك ممن آذاني وآذاك وآذى المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا وخلفتك في عقبك أولياءك من أهلك الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وأولياءك من أهل بيتك ومن اتبعهم منهم ومن غيرهم فهم منهم ومعهم وأعذب الذين آذوني فيك وآذوك نفاق في قلوبهم في الدنيا إلى يوم يلقوني ولعنتهم بذلك