فإن الحر يتوقى بالثوب الواحد وليس كذلك البرد ولعل معنى الآية أن الله تعالى لما ضم إلى الحر البأس بقوله جل جلاله ـ (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ) والبأس مناسب الحر واقتصر على ما يناسبه أو لعل أهل تلك البلاد الغالب عليها الحر وهذا مروي عن عطاء أو لعل المراد أنه تعالى لما ذكر الأصواف والأوبار والأشعار التي تقي البرد ذكر هاهنا ما يقي الحر من السراويل فقد ذكره قتادة أن المعنى سراويل لباس القطن والكتان وقول الفراء يريد أن الخير والشر يليه لا يقتضيه قول الشاعر لأنه قال أيهما يليني وأيهما أي أحدهما ومن المعلوم أن الذي يلي الإنسان أحدهما.
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس من كتاب الفراء من وجهة ثانية من عاشر سطر منها بلفظه قوله (الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ) المعنى إلا من أزواجهم اللاتي أحل الله لهم من الأربع لا يجاوزوا (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) ما في موضع خفض يقول ليس عليهم في الإماء وقت ينكحون ما شاءوا فذلك قوله حفظوا فروجهم إلا من هذين ـ (فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) فيه غير مذنبين يقال للفراء هلا احتمل أن يكون ـ (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ) على ظاهره لأن الله تعالى لما قال (غَيْرُ مَلُومِينَ) فكأنه قال غير ملومين على أزواجهم وما ملكت أيمانهم لأن الملامة إنما يعبر عنها بنحو هذا اللفظ ويقال للفراء من أين قلت إن الملامة معنى في الذم ويقال يلام الإنسان على ما لا يكون ذنبا شرعا من الغلط في تدبر الأمور ولأن رفع اللوم عنهم أعم من الذنب فلأي حال عدل عن عموم اللفظ إلى ما يقتضي تخصيصه ولم يذكر حجة على ذلك.
فصل فيما نذكره من الجزء السادس من كتاب الفراء من وجهة ثانية من سادس عشر سطر منها بلفظه قوله (أَتَيْنا طائِعِينَ) جعل السماوات والأرضين اثنين كقوله ـ (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما) ولم يقل ما بينهن ولو كان بينهن لكان صوابا يقال للفراء هلا قلت إن المقتضي للتثنية دون الجمع لعل الله جل جلاله أراد تثنية الجمعين ولم يرد ذكر أفرادها كما يقال جاءني فريقان وهما جمعان وأما قول الفراء لو كان بينهن كان صوابا أتراه