الوجهة الثانية من القائمة الرابعة من الكراس التي قبل آخر كراس من الكتاب بلفظه (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى) نزلت في ابن أم مكتوم إلى النبي فقال أسيد وعند النبي رجل من عظماء الكفار فجعل النبي يعرض عنه ويقبل على المشرك فيقول يا فلان هل ترى لما أقول بأسا فيقول لا فأنزلت عبس.
يقول علي بن موسى بن طاوس هذا قول كثير من المفسرين ولعل المراد معاتبة من كان على الصفة التي تضمنها السورة على معنى إياك أعني واسمعي يا جارة وعلى معنى قوله تعالى في آيات كثيرة يخاطب به النبي والمراد بها أمته دون أن تكون هذه المعاتبة للنبي (ص) لأن النبي إنما كان يدعو المشرك بالله بأمر الله إلى طاعة الله وإنما كان يعبس لأجل ما يمنعه من طاعة الله وأين تقع المعاتبة على من هذه صفته وإلا فأين وصف النبي الكامل من قول الله جل جلاله ـ (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وَهُوَ يَخْشى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى) فهل هذا أقيم عنه تعالى ـ (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) وهل كان النبي أبدا يتصدى للأغنياء ويتلهى عن أهل الخشية من الفقراء والله تعالى يقول عنه (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ)
فصل فيما نذكره من كتاب تفسير غريب القرآن لأبي عبد الرحمن بن محمد بن هاني من وجهة أولة من سادس عشر سطر من تفسير سورة الحج بلفظه قوله (إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) يقول إذا قرأ ألقى الشيطان في قراءته.
يقول علي بن موسى بن طاوس وكذا يقول كثير من المفسرين وهو مستبعد من أوصاف المرسلين والنبيين لأنه جل جلاله قال ـ (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) فكيف تقبل العقول أن المراد ما ذكره المفسرون من أن كل رسول أو كل نبي كان يدخل الشيطان عليه في قراءته وأنه ما سلم منهم واحد من الشيطان ـ