متى عدلت على نفسك عدل عليك من فوقك وإذا نهيت عن شيء فابدأ بنفسك ولا تجمع ما لا تأكل ولا تأكل ما لا تحتاج إليه وإذا ادخرت فلا يكونن ذخرك إلا فعلك وكن عف العيلة مشترك الغنى تسد قومك ولا تشاورن مشغولا وإن كان حازما ولا جائعا وإن كان فهما ولا مذعورا وإن كان ناصحا ولا تضعن في عنقك طوقا لا يمكنك نزعه إلا بشق نفسك وإذا خاصمت فاعدل وإذا قلت فاقصد ولا تستودعن أحدا دينك وإن قربت قرابته فإنك إن فعلت ذلك لم تزل وجلا وكان المستودع بالخيار في الوفاء بالعهد وكنت له عبدا ما بقيت فإن خنا عليك كنت أولى بذلك وإن وفى كان الممدوح دونك عليك بالصدقة فإنها تكفر الخطيئة قال وكان قس بن ساعدة لا يستودع دينه أحدا بل كان يتكلم بما يخفى معناه على العوام ولا تدركه إلا الخواص.
يقول علي بن طاوس قوله في الحديث السالف أين الحسن الذي لا يشكر والقبيح الذي لم ينقم لعل معناه أنه رأى أعمالا حسنة مات أصحابها قبل المكافأة عليها وأفعالا قبيحة مات فاعلوها قبل العقاب عليها فقال هذا يقتضي بحكم العقل والعدل أن بعد الموت بعثا يجازى كل فاعل بفعله وقوله في الحديث الآنف لا تستودع دينك فلعله لا تستودع سرك ويكون في الدين من جملة أسراره وهذه الأحاديث دالة على إقرار قس بن ساعدة بالبعث والحساب والحكم الهادي إلى الصواب
فصل فيما نذكره من الجزء الأول مما نزل من القرآن في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) رواية أبي أحمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد الجلودي في المجلد تصانيف لغيره من أول وجهة منه من سابع سطر منها بلفظه حدثنا أحمد بن أبان حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي حدثنا إسماعيل بن أبان عن يحيى بن سلمة عن زيد بن الحرث عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال لقد نزلت في علي (ع) ثمانون آية صفوا في كتاب الله ما شركه فيها أحد من هذه الأمة.