في سورة البقرة (وَاللهُ شَكُورٌ) ومقتضى شكوريّته ان يضاعف المقرض عوض قرضه (حَلِيمٌ) لا يعاجل بالمؤاخذة من لم يقرض (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
سورة الطّلاق
مدنيّة ، احدى عشرة آية ، وقيل : اثنتا عشرة آية.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يا أَيُّهَا النَّبِيُ) نداء وخطاب له تشريفا له ولكنّ المقصود بالحكم أمّته ولذلك أشرك الامّة في الخطاب معه حين الحكم (إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) في عدّتهن ، والعدّة هاهنا هي الطّهر كما عن الباقر (ع) : العدّة الطّهر من المحيض (وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) اى مدّة التّربّص وهي ثلاثة قروء في ذوات القرء ، وثلاثة أشهر في ذوات الأشهر ، ووضع الحمل في الحامل (وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ) في التّضييق عليهنّ حتّى يضطررن الى الفداء للطّلاق ، أو في تطويل المدّة والعدّة ، أو في حبسهنّ بعد العدّة ، أو في عدم طلاقهنّ وابقائهنّ بلا قسامة (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَ) بعد الطّلاق حتّى تنقضي عدّتهنّ (وَلا يَخْرُجْنَ) بانفسهنّ لعلّ الله يجعل بينهنّ وبين أزواجهنّ تعاطفا والفة ، وعن الكاظم (ع) انّما عنى بذلك الّتى تطلّق تطليقة بعد تطليقة فتلك الّتى لا تخرج ولا تخرج حتّى تطلّق الثّالثة ، فاذا طلّقت الثّالثة فقد بانت منه ولا نفقة لها ، والمرأة الّتى يطلّقها الرّجل تطليقة ثمّ يدعها حتّى يخلوا أجلها فهذه أيضا تقعد في منزل زوجها ولها النّفقة والسّكنى حتّى تنقضي عدّتها (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) المراد بالفاحشة هاهنا الزّنا أو أذاها لأهل الرّجل وسوء خلقها ، أو اشرافها على الرّجال ، أو سلاطتها على زوجها ، أو مساحقتها وقد أشير الى كلّ في الاخبار (وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ) حدود حماه واحكامه المقرّرة لعباده (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي) يا محمّد (ص) ، أو يا من يتأتّى منه الخطاب ، أو الفاعل راجع الى النّفس في نفسه ، أو الى المطلّقة المستفادة بالتّضمّن (لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ) الطّلاق أو بعد ذلك البقاء في بيوت أزواجهنّ (أَمْراً) وهو رغبة الزّوج في المطلّقة ورجوعه إليها ، وهذا هو علّة التّربّص وعدم الخروج من بيوتهنّ (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَ) اى قاربن من آخر مدّتهنّ (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) اى راجعوهنّ وأمسكوهنّ في بيوتكم مع ان تحسنوا صحبتهنّ وقسامتهنّ (أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) بنحو يعدّه العقل والعرف حسنا بان تدعوهنّ يخرجن من بيوتكم ويتزوّجن بغيركم (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) على الطّلاق أو على الطّلاق وعلى الإمساك يعنى الرّجوع إليهنّ (وَأَقِيمُوا) ايّها الشّهود (الشَّهادَةَ لِلَّهِ) لابتغاء مرضاة الله لا لرضا المشهود له ، أو للاعراض والأغراض الدّنيويّة (ذلِكُمْ) الأمر بالطّلاق في الطّهر وإحصاء العدّة وعدم إخراج المطلّقات والإمساك بالمعروف أو المفارقة بالمعروف (يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) فانّه الملتفت لحكمه ومصالحه والطّالب لان يأتمر بأوامر الله