وإيتاء الزّكاة (دِينُ الْقَيِّمَةِ) اى دين الكتب القيّمة ، وقيل : القيّمة جمع القائم اى دين القوم القائمين بأمر الله (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالرّسول (ص) أو بكتابه أو بأمر الله تعالى في رسوله (ص) أو بالولاية والجملة جواب لسؤال مقدّر عن حال المختلفين (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ) عطف على الّذين كفروا أو على أهل الكتاب (فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) من أهل الكتاب والمشركين أو من اىّ فرقة كانوا (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) ومقام الرّضا آخر مقامات النّفس الانسانيّة كما انّ جنّة الرّضوان آخر الجنان (ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) قد مضى مكرّرا انّ الخشية حالة حاصلة من امتزاج الخوف والحبّ ولا تكون الّا بعد العلم بالمخشىّ منه الّذى كان له محبوبيّة ولذلك قال تعالى : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) يعنى من لم يعلم بالله لم يخشه لعدم حصول المحبّة له.
سورة الزّلزال
تسع آيات مدنيّة ، وقيل : مكّيّة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها) المعهود وهو زلزال القيامة الصّغرى أو الكبرى أو الزّلزال اللّائق بحالها وهو الزّلزال المحيط بها وهو الزّلزال العامّ الّذى ليس الّا في القيامة ، فانّ ارض البدن عند الاحتضار يتزلزل تزلزلا عظيما (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) أثقال الأرض عبارة عن القوى والأرواح وعن القوى والاستعدادات المكمونة في ارض العالم الكبير أو في الأبدان فانّ ارض البدن عند الموت تخرج بالموت جميع ما فيها من الفعليّات الموجودة والاستعدادات المكمونة وتظهر حينئذ جميع المكمونات في العالم الكبير (وَقالَ الْإِنْسانُ) الواقع في الزّلزال أو النّاظر الى الزّلزال تعجّبا من ذلك الزّلزال (ما لَها يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) روى عن الباقر (ع) انّ أمير المؤمنين (ع) قال : انا الإنسان وايّاى تحدّث اخبارها ، وروى عن النّبىّ (ص) انّه قال : أتدرون ما اخبارها؟ ـ قالوا : الله ورسوله اعلم ، قال : اخبارها ان تشهد على كلّ عبد وامة بما عمله على ظهرها ، تقول : عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا ، فهذه اخبارها (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) ان تحدّث وحي الهام أو وحيا بتوسّط الملك (يَوْمَئِذٍ) اى يوم القيامة الصّغرى (يَصْدُرُ النَّاسُ) اى القوى والمدارك الانسانيّة في العالم الصّغير من مراقدها ومحالّها أو يوم القيامة الكبرى يصدر افراد النّاس من مراقدهم ومواقفهم (أَشْتاتاً) متفرّقين في صفوف عديدة بحسب مراتبهم ودرجاتهم في السّعادة والشّقاوة (لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ) قرئ بفتح الياء وضمّها ، وقد مضى مكرّرا انّ العامل يحصل من عمله فعليّة في نفسه ويراه العامل بعد الموت بصورة مناسبة لذلك العمل وهذا العامل ، ويرى صورة اخرى موافقة لتلك الصّورة في الآخرة فيرى أعماله بأنفسها وبصورها اللّائقة بها المعبّر عن تلك الصّور بجزاء الأعمال (فَمَنْ يَعْمَلْ) من المؤمنين (مِثْقالَ ذَرَّةٍ)