سلامة من كلّ شرّ وآفة ، أو هي تحيّة على طريق المجاز كما ورد عن السّجّاد (ع) يقول : يسلّم عليك يا محمّد (ص) ملائكتى وروحي سلامي من اوّل ما يهبطون الى مطلع الفجر ، وقال القمّىّ : تحيّة يحيّى بها الامام الى ان يطلع الفجر ، وفي خبر انّ علامة ليلة القدر ان يطيب ريحها ان كانت في برد دفئت ، وان كانت في حرّ بردت ، وفي رواية : لا حارّة ولا باردة تطلع الشّمس في صبيحتها ليس لها شعاع.
سورة البيّنة
مدنيّة ، وقيل : مكّيّة ، ثمان ايات
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) اى اليهود والنّصارى فانّهم كانوا معروفين بهذا الاسم (وَالْمُشْرِكِينَ) عبدة الأصنام أو عبدة الأصنام وغيرهم من أصناف المشركين ، وسمّى أهل الكتاب كافرين لانّهم ستروا الدّين والطّريق الى الله ، وستروا الحقّ بحسب صفاته وان كانوا اقرّوا بالتّوحيد (مُنْفَكِّينَ) اى لم يكونوا متفرّقين بان يكون بعضهم على الحقّ وبعضهم على الباطل بل كان جميعهم على الباطل مجتمعين فيه أو منفكّين عن دينهم أو عن الوعد باتّباع الحقّ إذا جاءهم محمّد (ص) أو عن الإقرار بمحمّد (ص) ورسالته أو عن الحجج والبراهين (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) المراد بالبيّنة الرّسول (ص) أو رسالته أو معجزاته ، واستقبال تأتيهم بالنّسبة الى قوله لم يكن والّا فهو على المضىّ (رَسُولٌ مِنَ اللهِ) بدل من البيّنة بدل الكلّ أو بدل الاشتمال أو رسوله خبر مبتدء محذوف أو مبتدء خبر محذوف أو مبتدء خبره قوله تعالى (يَتْلُوا) عليهم (صُحُفاً مُطَهَّرَةً) والمراد بالصّحف الألواح العالية والأقلام الرّفيعة ، أو الصّدور المستنيرة والقلوب المضيئة ، أو الكتب الماضية السّماويّة من كتب الأنبياء الماضين والكلّ مطهّر من التّغيير والتّبديل والمادّة ونقائصها وانقلاباتها ومن مسّ أيدي الأشرار ومن إتيان البطلان إليها (فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) اى مكتوبات مستقيمة لاعوج فيها أصلا ، أو مقيمة تقيم كلّ من اتّصل بها ، أو معتدلة لا انحراف فيها ، أو كافية يكفى جميع أمور من توسّل بها ، أو المراد بالصّحف المطهّرة القرآن وفيها جميع العلوم القلبيّة والقالبيّة الكافية لمن تدبّرها وتوسّل بها (وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) فيما ذكر سابقا (إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ) يعنى لم يكونوا منفكّين عن دينهم أو اجتماعهم أو تصديق محمّد (ص) وما تفرّقوا الّا بعد الرّسول (ص) بان صدّق بعضهم وكذّب بعضهم وبقي بعضهم على دينه وترك بعضهم دينه (وَما أُمِرُوا) اى والحال انّهم ما أمروا بشيء (إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ) الحنيف الصّحيح الميل الى الإسلام الثّابت عليه وكلّ من حجّ أو كان على دين إبراهيم (وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ) قد مضى في اوّل البقرة بيان لاقامة الصّلوة وإيتاء الزّكاة يعنى انّ أهل الكتاب ما أمروا على لسان أنبيائهم (ع) وفي كتبهم الّا بتوحيد العبادة المستلزم لتوحيد الواجب والمبدء ، وبإقامة الصّلوة الّتى هي عماد الدّين وجالب الخصائل ، وإيتاء الزّكاة الّذى هو تطهير من كلّ رذيلة ، وما تأمرهم أنت أيضا الّا بذلك ، فما لهم اختلفوا في تصديقك وتكذيبك؟! (وَذلِكَ) اى توحيد العبادة وتوحيد المبدء واقامة الصّلوة