ظرف له أو لشرطه (وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً) والمراد بالشّرّ كلّ ما لا يلائم طبعه وبالخير كلّ ما يلائم طبعه (إِلَّا الْمُصَلِّينَ) قد مضى في اوّل البقرة بيان الصّلوة ومراتبها (الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ).
اعلم ، انّ الصّلوة اسم لكلّ ما به يتوجّه الى الله ولذلك لم يكن شريعة الّا وكانت الصّلوة في تلك الشّريعة وبعبارة اخرى الصّلوة هي التّحلّى بحلي أوصاف الرّوحانيّين كما انّ الزّكاة كانت اسما للتّبرّى من كلّ ما يتبرّى منه ولذلك كانت في كلّ شريعة ، وصلوة القالب كانت في الشّرائع بحسب الاذكار والأفعال مختلفة ، ولمّا كانت شريعة محمّد (ص) أكمل الشّرائع جعلت الصّلوة القالبيّة فيها أكمل الصّلوات مشتملة على عبادات جميع أصناف الملائكة من الّذين هم قيام لا ينظرون ومن الرّكع والسّجّد وعلى صلوة جميع أصناف المواليد من الطّبائع المنطبعة والنّفوس النّباتيّة الّتى هي بوجه قيام لا ينظرون ، وبوجه سجّد ومنطبعة ، ومن النّفوس الحيوانيّة الّتى هي بالطّبع راكعة منكوسة ، ومن النّفوس الانسانيّة الّتى هي قائمة بأحسن التّقويم متمكّنة من الرّكوع والسّجود ، والقيام الّتى كانت لسائر الموجودات ، ولمّا كانت الصّلوة القالبيّة مانعة من الاشغال الضّروريّة من الاكل والشّرب وطلب الحاجات وقضاء الحاجة والنّوم كانت لا يمكن ادامتها الّا على ضرب من التّأويل والمجاز بان يكون المراد من ادامتها عدم فوتها عن أوقاتها المقرّرة ، فليكن المراد ادامة الصّلوة القلبيّة المأخوذة من ولىّ الأمر فانّها ان كان الإنسان مواظبا عليها مستغرقا فيها لم يكن يمنع الاشغال الضّروريّة عن إقامتها بل يكون الإنسان في حالة النّوم أيضا مشغولا بها من غير تعمّل وفكر ورويّة ، ولذلك قال : على صلوتهم يعنى صلوتهم المخصوصة بهم فانّ لكلّ إنسان صلوة خاصّة لا يشاركه فيها غيره بخلاف الصّلوة القالبيّة فانّها مشرّعة للكلّ لا اختصاص لها بفرد دون فرد ، وفي الخبر : إذا فرض على نفسه شيئا من النّوافل دام عليه ، وفي خبر : الّذين يقضون ما فاتهم من اللّيل بالنّهار وما فاتهم من النّهار باللّيل ، ومجمل القول انّ الولاية الحاصلة بالبيعة الثّانية هي الصّلوة الّتى تزكّى الإنسان من الرّذائل الّتى منها كونه هلوعا وتحلّيه بحلية الخصائل الحسنة الّتى منها ادامة الصّلوة القالبيّة والقلبيّة والصّدريّة (وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) في الخبر ليس المراد بالحقّ المعلوم الزّكاة ولا الصّدقة المفروضتين بل هو ما يخرجه من ماله يصل به أقرباءه وإخوانه ، والمحروم هو الّذى قد حرم كدّيده في الشري ، أو المحترف الّذى لم يبسط له في رزقه (وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) اى يوم الجزاء (وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ) تعليل لإشفاقهم (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ) قد مضى أكثر تلك الآيات في سورة المؤمنون فلا نعيد تفسيرها (فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا) يعنى إذا كان هذا حال المنافقين الّذين أدبروا عن الولاية ولم يقبلوها وذلك حال من اقبل على الولاية وباع البيعة الخاصّة فما للّذين كفروا بالولاية؟! فانّ الآية كما في الاخبار نزلت في المنافقين الّذين لم يقبلوا ولاية علىّ (ع) (قِبَلَكَ) يعنى فما لهم عندك (مُهْطِعِينَ) مسرعين إليك ، أو مقبلين عليك ، أو ناظرين إليك (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ) اى عن يمينك وشمالك (عِزِينَ) العزة كالعدة الجماعة والعصبة منقوص واوىّ جمعه عزين ، وقيل : معناه قعود ، عن أمير المؤمنين (ع) في ذكر حال المنافقين : وما زال رسول الله (ص) يتألّفهم ويقرّبهم ويجلسهم عن يمينه وشماله حتّى اذن الله له في ابعادهم بقوله : واهجرهم هجرا