فقال : لانّ الإنسان لا يسأم (مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ) فلذلك ظنّوا انّهم لا محيص لهم (وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى) وذلك لما تكرّر منّا انّ الخيال حين الاستيحاش وغلبة الهمّ يفرّ كالشّيطان ويظهر سلطان العقل فاذا رفع الخوف لا يدّعى الحكم للعقل ويظهر بانانيّته وينكر المبدء والمعاد كما هو شأنه وشأن الشّيطان ، ويظنّ انّه ان كان ما يقولون صادقا فالله لا يختار عليه غيره لكرامته عليه (فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا) كناية عن جزائهم بأعمالهم السّيّئة خلاف ما ظنّوه (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ) عنّا وعن شكر نعمنا (وَنَأى بِجانِبِهِ) اى نأى عنّا ومال الى جانبه بمعنى انّه ظهر بانانيّته ورؤية نفسه والاعجاب بها وظنّ انّ النّعمة باستحقاقها ونسي أنعامنا وانّ النّعمة عارية عليها لا مدخليّة لها فيها (وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ) لحفظ انانيّته ووجوده (قُلْ أَرَأَيْتُمْ) قد مضى بيان هذه الكلمة في سورة الانعام عند قوله تعالى : قل أرأيتكم ان أتاكم عذاب الله (إِنْ كانَ) هذا الانعام أو الرّسول أو القرآن أو قرآن ولاية علىّ (ع) أو نصب علىّ (ع) (مِنْ عِنْدِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ) في طرف من الله أو من الرّسول (ص) (بَعِيدٍ) الجملة جزاء الشّرط بتقدير القول أو بتقدير الفاء فقط أو الجزاء محذوف ومن اضلّ مستأنف (سَنُرِيهِمْ آياتِنا) جواب لسؤال مقدّر ولمّا كان القرآن خوان إطعام الله وكان فيه وفي آياته طعام الا داني والا عالى والكافر والمؤمن والضّال والمهتدى كما يرى من تمسّك كلّ فرقة في مذهبهم به ، ونعم ما قيل :
منعم كامل چو خوانباشى بود |
|
بر سر خوانش ز هر آشى بود |
كان الآية بالنّسبة الى كلّ فرقة جوابا لسؤال غير ما للفرقة الاخرى فكأنّه قيل : بالنّسبة الى الجاحدين والمنكرين : متى يعترف هذه الفرقة؟ ـ فقال تعالى : سنريهم آياتنا (فِي الْآفاقِ) بالنّقص في أموالهم وأنفسهم بأنواع البلايا الّتى كانت خارجة من عاداتهم (وَفِي أَنْفُسِهِمْ) بأنواع الأمراض والأوجاع (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ) اى لمن لم يكن له استعداد التّوبة والسّعادة عند معاينة الموت ، ولمن كان له استعداد التّوبة قبل ذلك (أَنَّهُ الْحَقُ) فيتوب من يتوب ويشقى من يشقى ، وكأنّه قيل بالنّسبة الى الضّالين المتحيّرين في الله أو في الرّسالة أو في الولاية : متى يهتدون ويخرجون من التّحيّر والضّلال؟ ـ فقال تعالى : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا) الدّالّة على مبدء عليم قدير حكيم رؤف رحيم ، أو على صدق رسولنا (ص) ورسالته ، أو على الولىّ (ع) وولايته في الآفاق من الآيات السّابقة وجبران ما فات منهم ، وترتّب الفوائد الكثيرة على البلايا الواردة في الآفاق وفي أنفسهم ممّا ذكر سابقا وممّا يشاهدونها في المنام أو في اليقظة من تبدّلات أحوالهم ومن بسطاتهم وقبضاتهم وممّا القى في قلوبهم من العلوم والخوف والاستبشار حتّى يتبيّن لهم انّ الله حقّ أو الرّسول (ص) حقّ أو عليّا (ع) حقّ ، وكأنّه قيل بالنّسبة الى المسلم الّذى كان واقفا عن الولاية : متى يظهر عليهم حقيّة الولاية؟ ـ فقال تعالى : سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتّى يتبيّن لهم انّ الله هو الحقّ المضاف الّذى هو علىّ (ع) ، وبالنّسبة الى المؤمن الّذى بايع البيعة الخاصّة الواقف عن مقام الحضور سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتّى يتبيّن بظهور ولىّ الأمر في صدورهم انّه الحقّ ، وبالنّسبة الى من كان له مقام الحضور عند ربّه قوله تعالى (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ) ولكون هذا لمن كان له مقام الحضور أتى بالخطاب عامّا أو خاصّا بمحمّد (ص) (أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) حاضر أتى بعلى للاشارة الى