(فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً) بقوله : يا ثبوراه ، يا هلاكاه ائت فانّه قد حضر وقتك (وَيَصْلى) اى يدخل (سَعِيراً) يتقاسى حرّها (إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً) في الدّنيا من غير غمّ لآخرته ومن غير حزن على العمل لأجلها (إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ) هذه وسابقتها جواب لسؤال مقدّر في مقام التّعليل يعنى كان مسرورا لانّه كان يظنّ ان لا يرجع الى الله أو الى الآخرة (بَلى) ردّ له عن اعتقاد عدم الرّجوع اى بلى يرجع (إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً) جواب لسؤال مقدّر في مقام التّعليل أو في مقام بيان حالهم ، أو بيان وتفصيل للاجمال المستفاد من بلى (فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ) قد مضى بيان للا اقسم ، والشّفق الحمرة في الأفق من الغروب الى العشاء الآخرة ، أو المراد به النّوريّة الباقية من النّفس لانسانيّة بعد غروبها في البدن ، أو في المرتبة الحيوانيّة (وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ) اى ما جمع فانّ النّهار كان سببا للنّشور واللّيل للجمع والسّكون ، وكذلك ليل بدن الإنسان يجمع المتضادّات ويؤلّف المتخالفات (وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ) انتظم وتكامل في نوره ، وهكذا قمر القلب إذا تكامل (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) اى مرتبة مجاوزة عن مرتبة اى بعد مرتبة من مراتب الآخرة يعنى أنتم في ركوب المراتب الاخرويّة في الدّنيا ولكنّكم غافلون منه ، أو حالا بعد حال لورود الأحوال المختلفة عليكم ، أو لتركبنّ سنن من كان قبلكم مطابقين لهم بعد جمع آخر مطابقين لهم ، أو بعد حال اخرى مطابقة لحالهم كما في كثير من الاخبار ، وفي بعضها : لتسلكنّ سبيل من كان قبلكم من الأمم في الغدر في الأوصياء بعد الأنبياء (ع) وفي بعضها ، أو لم تركب هذه الامّة بعد نبيّها (ص) طبقا عن طبق في امر المنافقين ، والطّبق محرّكة غطاء كلّ شيء ومن كلّ شيء ما ساواه ، ومن النّاس والجراد الكثير أو الجماعة منهم ، وبمعنى الحال ، (فَما لَهُمْ) اى اىّ نفع لهم؟ أو اىّ مانع لهم؟ أو اىّ حال لهم؟ ألهم الجنون؟ أو العقل؟ (لا يُؤْمِنُونَ) جملة حاليّة أو مستأنفة جواب لسؤال مقدّر في مقام التّعليل ، أو في مقام بيان حالهم ، أو لفظة ما نافية والمعنى فليس لهم شيء من المنافع ، أو ليس لهم مانع ، وجملة لا يؤمنون مثل السّابق والمراد بعدم الايمان عدم الايمان بالله أو بالرّسالة أو بالولاية (وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ) لا يخضعون لله ، روى انّ النّبىّ (ص) قرأ ذات يوم واسجد واقترب ، فسجد هو ومن معه من المؤمنين ، وقريش تصفق فوق رؤسهم وتصفر فنزلت (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ) اى بما يضمرون في قلوبهم أو بما يجمعون في نفوسهم من نتائج أعمالهم (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) استثناء منقطع أو متّصل والمعنى الّا الّذين آمنوا بعد منهم فيكون الماضي بعد الموصول بمعنى المضارع (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) اى غير مقطوع أو غير ممنون به عليهم.
سورة البروج
مكّيّة ، اثنتان وعشرون آية.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ) الاثنى عشر ، أو المراد سماء روح الإنسان الّتى هي ذات مراتب ودرجات