أو من غير اعتبار لتحقيق مأخوذاته ، وهذا صاحب الصّدر المنشرح بالإسلام فاذا وجد هذا المقلّد أنموذج مأخوذاته بوجدانه أو بشهوده كان خارجا من حدود صدره الى حدود قلبه وهذا هو الّذى مزج التّقليد بالتّحقيق ، أو خرج من التّقليد الى التّحقيق ، وهذا صاحب القلب سواء دخل في بيت القلب أو لم يدخل بعد لكن كان مشرفا على الدّخول ، وهذان هما اللّذان يتذكّران ويعتبر ان بكلّ ما سمعاه ، وامّا غيرهما من أرباب النّفوس فيمرّون على الآيات وهم عنها معرضون (وَهُوَ شَهِيدٌ) حاضر الذّهن عند القائل تقييد لالقاء السّمع (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) قد مضى في سورة الأعراف بيان خلق السّماوات والأرض في ستّة ايّام (وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ) حتّى احتجنا الى الاستراحة كما قالته اليهود وهو ردّ لليهود حيث قالوا : انّ الله بدأ خلق العالم يوم الأحد وفرغ منه يوم الجمعة ، واستراح يوم السّبت ، واستلقى على العرش ، روى انّ اليهود أتت النّبىّ (ص) فسألته عن خلق السّماوات والأرض ، فقال : خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين ، وخلق الجبال وما فيهنّ يوم الثّلثاء ، وخلق يوم الأربعاء الشّجر والمدائن والعمران والخراب ، وخلق يوم الخمس السّماء ، وخلق يوم الجمعة النّجوم والشّمس والقمر والملائكة ، قالت اليهود : ثمّ ماذا؟ ـ يا محمّد (ص) ، قال : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) ، قالوا : قد أصبت لو أتممت ، قالوا : ثمّ استراح ، فغضب النّبىّ (ص) غضبا شديدا ، فنزلت الآية (فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) في حقّ الله بما لا يليق بجنابه وفي حقّك وفي حقّ علىّ (ع) (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) قد مضى في اوّل الحمد بيان انّ تسبيحه تعالى ليس الّا بحمده ولذلك قيّد التّسبيح في الأغلب بالحمد ، أو قرنه به ، أو بما يفيده (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) يعنى في جميع الأوقات فانّه كثيرا ما يقيّد الأمر بطرفي النّهار ويراد استغراق الأوقات ، أو المراد هذان الوقتان بخصوصهما لشرافتهما ، وما ورد في فضيلة ما بين الطّلوعين أكثر من ان يحصى ، وقد ورد في فضيلة العصر اخبار عديدة ، أو المقصود الاشارة الى صلوة الصّبح وصلوة العصر ، أو صلوة الظّهر والعصر (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) اى بعضا من اللّيل سبّحه لانّ اللّيل وخصوصا آخره وقت شريف تتوجّه النّفوس فيه الى الله والى أصلها لخلوصها من العوائق الخياليّة ، أو هو اشارة الى المغرب والعشاء ، أو الى صلوة اللّيل (وَأَدْبارَ السُّجُودِ) قرئ مصدرا وجمعا والمراد بالسّجود كمال الخضوع لعظمة الرّبّ يعنى بعد ما حصل لك كمال التّوجّه الى الله والخضوع له أو أشير بادبار السّجود الى ركعة الوتر أو الرّكعتين أو الأربع الرّكعات بعد المغرب أو الى الوتيرة (وَاسْتَمِعْ) أنت في الحال الحاضر نداء المنادي يوم القيامة ، أو يوم ظهور القائم (ع) ، فانّك تسمع بالفعل نداء ذلك المنادي لخروجك من مرقدك وشهودك القيامة أو خروج القائم (ع) (يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ) للبعث والحساب أو ينادى المنادي باسم القائم (ع) واسم أبيه كما في الخبر ، وإسقاط الياء من المنادي لإجراء الوصل مجرى الوقف وهو عربيّ جيّد (مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) من كلّ النّاس فانّ نسبة المنادي في القيامة أو في ظهور القائم متساوية الى الكلّ (يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِ) يعنى الصّيحة للحساب والقيام عند الله ، أو صيحة القائم أو الصّيحة بخروج القائم (ع) (ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) من المراقد ، عن الصّادق (ع) هي الرّجعة (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ) في الدّنيا جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : من يفعل ذلك؟ ـ ومن يخرج الأموات من المراقد؟ ـ فقال : انّا نحن نحيى ونميت (وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ) في الآخرة (يَوْمَ تَشَقَّقُ) ظرف للمصير أو بدل من يوم يسمعون الصّيحة (الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ) وذلك في الرّجعة أو في القيامة (نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ) في حقّنا ، أو في حقّك ، أو في حقّ علىّ (ع) تسلية له (ص) وتهديد لقومه