والنّبوّة والرّسالة ونزول الوحي والملك عليه والنّعم الصّوريّة جميعا ، وان كان الخطاب لخلفائه كان الأمر بتحديث جميع ذلك لكن في النّبوّة والرّسالة القرآن بنحو الخلافة لا الاصالة ، وان كان الخطاب للمؤمنين كان الأمر بتحديث الولاية الّتى قبلوها بالبيعة الخاصّة والرّسالة الّتى قبلوها بالبيعة العامّة وبتحديث أحكامهما وبتحديث النّعم الصّوريّة ، وان كان الخطاب للمسلمين كان الأمر بتحديث الرّسالة الّتى قبلوها بالبيعة العامّة وبتحديث أحكامها وبتحديث سائر النّعم ، وعن الصّادق (ع) انّه قال : إذا أنعم الله على عبده بنعمة فظهرت عليه سمّى حبيب الله محدّثا بنعمة الله ، وإذا أنعم الله على عبده بنعمة فلم تظهر عليه سمّى بغيض الله مكذّبا بنعمة الله ، وعن أمير المؤمنين (ع) في حديث منعه لعاصم بن زياد عن لبس العباء وترك الملأ : لابتذال نعم الله بالفعال احبّ اليه من ابتذاله لها بالمقال وقد قال الله تعالى : وامّا بنعمة ربّك فحدّث والاخبار في إظهار العلم والدّين وسائر النّعم إذا لم يكن مانع من ذلك كثيرة.
سورة الم نشرح
ثمان آيات ، مكّيّة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) لمّا كان اوّل هذه السّورة على سياق السّورة السّابقة وتعداد النّعمة تعالى على محمّد (ص) ورد في بعض الاخبار انّه لا يقرأ في الفريضة إحديهما بدون الاخرى ، وافتى بعض العلماء لذلك انّهما سورة واحدة ، وشرح كمنع كشف وقطع كشرّح من التّشريح وفتح وشرح الشّيء بمعنى جعله وسيعا ، وشرح الصّدر توسعته بحيث لا يضيق عن ملائم ولا عن غير ملائم ، وشرح صدر محمّد (ص) كان عبارة عن عدم ضيقه عن الجمع بين الكثرات والوحدة ، ودعوة الخلق وعبادة الحقّ ، روى انّه سئل النّبىّ (ص) فقيل : يا رسول الله (ص) أينشرح الصّدر؟ ـ قال : نعم ، قال : يا رسول الله (ص) وهل لذلك علامة يعرف بها؟ ـ قال : نعم ، التّجافى عن دار الغرور ، والانابة الى دار الخلود ، والاعداد للموت قبل نزول الموت (وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) اى حملك الثّقيل الّذى صوّت ، أو أثقل ، أو كسر ظهرك ، والمراد ثقل دعوة الخلق أو معاشرتهم ، أو ثقل استماع الوحي ورؤية الملك فانّه (ص) في اوّل نزول الوحي صار محموما وقال : دثّروني كما سبق ، أو ثقل إظهار النّبوّة وإظهار الصّلوة وغيرها ، أو ثقل أذى الكفّار والغموم الّتى تلحقه منهم ، أو ثقل إصلاح المسلمين وإقامتهم على الدّين (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) بعد ما كنت خامدا مختفيا في شعب عمّك مدّة مديدة ، فانّه رفع ذكره حتّى سمع به في حياته العرب والعجم وسمع به بعد وفاته جميع البلاد ، ورفع ذكره بحيث قرنه بذكره تعالى في الأذان الاعلامىّ وفي أذان الصّلوة وإقامتها ، ورفع ذكره بحيث يذكره الخطّاب والوعّاظ في خطبهم ومواعظهم ومنابرهم ، ورفع ذكره بحيث كلّ من سمع به صلّى عليه ، ورفع ذكره بان شقّ اسمه من اسمه (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) الفاء للسّببيّة والمعنى سهّلنا لك أمورك بعد ما كان صعبا إليك بسبب انّا جعلنا ان يكون لكلّ عسر يسرين فهو تعليل لسابقه ووعد له (ص) بيسر آخر ، والمراد بالعسر الفقر أو تألّمه (ص) عن عدم ايمان قومه وعن إيذاء المشركين له (ص) وللمؤمنين ، أو ضيق صدره عن المعاشرة مع الخلق ودعوتهم واقامة عوجهم (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) تكرير للاوّل وتأكيد له ولذلك لم يأت بأداة الوصل ، والمكرّر إذا كان معرّفا باللّام كان عين الاوّل إذا لم يكن قرينة ، وإذا كان منكّرا كان غيره إذا لم يكن قرينة على خلافه ، ولذلك ورد في الاخبار انّه : لا يغلب