شيئين في إنائك ثمّ تضربهما بيدك حتّى يختلطا ، والمقرعة والنّصيب والشّدّة والضّرب بالسّوط ، واستعمال الصّبّ للاشعار بكثرة العذاب وشدّته (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) المرصاد الطّريق والمكان الّذى يرصد ويترقّب فيه العدوّ والمعنى انّه تعالى في محلّ يرصد فيه جميع أفعالهم وأقوالهم وأحوالهم فلا يفوته شيء منها فيجازيهم عليها ، وعن الصّادق (ع): المرصاد قنطرة على الصّراط لا يجوزها عبد بمظلمة عبد (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ) كأنّه قال : هذا حال الرّحمن فامّا الإنسان إذا ما ابتلاه ربّه (فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ) بيان لاكرامه (فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ) هذا خبر الإنسان ولذلك ادخل الفاء الّتى تكون عقيب امّا عليه ، وقوله : إذا ما ابتلاه على تقدير التّأخير يعنى يفرح بالنّعمة ويحسب انّ النّعمة كرامة من الله له والحال انّها قد تكون استدراجا ونقمة (وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ) لانّه لا يحسب النّعمة في غير النّعم الصّوريّة ويحسب انّ الكرامة والنّعمة والعزّة انّما هي في النّعم الصّوريّة (كَلَّا) ردع له عن هذا الحسبان وتعليق للتّوسعة والتّقتير على فعل الإنسان يعنى ليس التّوسعة والتّقتير على ما تزعمون (بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلا تَحَاضُّونَ) اى لا تحاثّون ، والحضّ والحثّ لا زمان ومتعدّيان (عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا) التّراث من الإرث بمعنى ما يورث ، ولمّا كان جميع الدّنيا ممّا أورث من السّابقين أو يورث للّاحقين يصدق عليها التّراث ، فقيل : كانوا لا يورثّون الأيتام والنّساء وكانوا يأكلون انصبائهم ، وقيل : المعنى يأكلون الميراث ولا يخرجون حقوقه الواجبة والمندوبة لكنّ الحقّ عدم التّخصيص بل المراد انّهم يأكلون ما يؤكل ، ويجمعون ما يجمع ، ويدّخرون ما يدّخر ، وينكحون ما ينكح ، ويركبون ما يركب ، ويلبسون ما يلبس ، ويدركون ما يدرك ، ويتخيّلون ما يتخيّل ، اكلا جامعا بين صحيحها وفاسدها ، حلالها وحرامها ، مأمورها ومنهيّها ، وجامعا بين جهتي الهيّتها ونفسانيّتها ، ولمّا امّا أصله لمّا بالتّنوين ، اجرى الوصل على الوقف ، أو أصله لمّا بالألف المقصورة امّا وهو مصدر للّم بمعنى جمع ، وحينئذ تكون مفعولا مطلقا لفعل محذوف ، أو صفة لاكلا ، أو هو بمعنى جميعا وتأكيد للتّراث (وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا) الجمّ الكثير من كلّ شيء أو هو مصدر جمّ بمعنى كثر وهو امّا صفة لجمّا أو مفعول مطلق لفعل محذوف هو حال (لَّا) ردع لهم عن ذلك (إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا) الدّك الدّقّ والهدم وتسوية صعود الأرض وهبوطها ، واندكّ المكان استوى ، وكنس التّراب وتسويته (وَجاءَ رَبُّكَ) المضاف الّذى هو القائم في وجودك وقد سمّاه الصّوفيّة بالفكر والحضور والسّكينة وهو ملكوت ولىّ الأمر ، ولا يظهر على السّالك الّا بعد موته الاختيارىّ ، وإذا ظهر ظهر جميع آثار القيامة في عالمه الصّغير وجميع ما ورد من علائم ظهور القائم (ع) وآثاره في الاخبار وكان مؤيّدا بالملائكة ويظهر الملك على السّالك حين ظهوره وبعده ولذلك قال تعالى (وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) المراد بالملك الجنس ولذلك قال صفّا صفّا فانّ الواحد لا يكون صفّا صفّا والمراد انّ الملائكة يجيئون في صفوف عديدة بحسب مراتبهم في القرب والبعد (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) فانّ الظّاهر عليه ولىّ امره ينفتح بصيرته الاخرويّة فيرى ما لا يراه غيره فيرى جهنّم وأنواع عقباتها وعقوباتها ، ويرى الجنان أيضا وأنواع نعيمها ، عن الرّسول (ص) انّه قال : انّ روح الأمين أخبرني انّ الله لا اله الّا هو إذا برز الخلائق وجمع الاوّلين والآخرين أتى بجهنّم تقاد بألف زمام أخذ بكلّ زمام مائة الف يقودها من الغلاظ الشّداد ، لها حدّة وغضب وزفير وشهيق وانّها لتزفر الزّفرة ، فلو لا انّ الله اخّرهم للحساب لأهلكت الجميع ثمّ يخرج منها عنق فيحيط بالخلائق البرّ منهم والفاجر ما خلق الله عبدا من عباد الله ملكا ولا نبيّا الّا ينادى : ربّ نفسي!. نفسي!. وأنت يا نبىّ الله تنادي