القبلة فانّهم يخدّ لهم خدّا الى النّار الّتى خلقها في المشرق فيدخل عليهم منها اللهب والشّرر والدّخان وفورة الحميم الى يوم القيامة ثمّ مصيرهم الى الحميم ، ثمّ في النّار يسجرون ، ثمّ قيل لهم : أينما كنتم تشركون من دون الله اى اين إمامكم الّذى اتّخذتموه دون الامام الّذى جعله الله للنّاس إماما (ذلِكُمْ) العذاب (بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) يعنى بالباطل فانّه يستعمل في هذا المعنى (وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) المرح شدّة الفرح وهو مذموم لانّه إسراف في الفرح سواء كان بالحقّ أو بغير الحقّ (ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ) قد سبق في سورة الزّمر وجه تقييد الدّخول بأبواب جهنّم (خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) وضع الظّاهر موضع المضمر للاشعار بانّ المتكبّر من خرج من طاعة الامام ، وسرّه انّ الخروج من طاعة الامام ليس الّا من الانانيّة ، والانانيّة ورؤية النّفس هو التّكبّر (فَاصْبِرْ) يعنى إذا علمت حال المنافقين الّذين ينافقون بالنّسبة إليك والى علىّ (ع) فاصبر ولا تجزع ولا تحزن (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) لا خلف فيه (فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) من العذاب (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ) وقد سبق الآية في سورة يونس وسورة الرّعد (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) فانظر الى حالهم ومآلهم من الله وما ورد عليهم من أممهم ، ولينظر قومك الى ما كان منهم حتّى تتسلّى وتصبر على أذى قومك ، ويعلم قومك انّ الرّسول لا يكون الّا بشرا ، ولا يكون حاله سوى حال سائر النّاس (وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) فانّ الآيات تنزل من الله على وفق الحكم والمصالح فليس لأحد ان يقترح وليس لك ان تسأل ما اقترحوا (فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ) بالعذاب في الدّنيا أو الآخرة أو بانقضاء الأجل أو بالحساب في القيامة أو بظهور القائم عجّل الله فرجه (قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ) الزّمان والمكان (الْمُبْطِلُونَ اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ) في مقام التّعليل أو مقام تعداد النّعم (لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ) أخر كالالبان والجلود والأوبار وغير ذلك (وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ) بحمل الأحمال على ظهورها ونقلها الى ما تريدون (وَعَلَيْها) في البرّ (وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) قد سبق الآية ببعض اجزائها في سورة المؤمنون (وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللهِ) الدّالة على علمه وقدرته وحكمته وعنايته ورأفته بخلقه (تُنْكِرُونَ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) اى ارض العالم الكبير حتّى يشاهدوا آثار الأمم الهالكة الماضية ويسمعوا أخبارهم ، أو ارض العالم الصّغير فيعلموا ويجدوا آثار الأمم التّابعة لشهوتهم وغضبهم وشيطنتهم ، أو ارض الاخبار وسير الأمم الماضية ، أو ارض القرآن (فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ) اى عن عذابهم (ما كانُوا يَكْسِبُونَ) ما الاولى نافية أو استفهاميّة ، والثّانية موصولة أو موصوفة أو مصدريّة أو استفهاميّة (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ) عطف من قبيل عطف التّفصيل على الإجمال (رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) من دقائق ـ العلوم الحكميّة من الطّبيعيّة والرّياضيّة والإلهيّة ولم يعلموا انّ هذه العلوم ان لم تكن بإذن من الله وخلفائه ولم يكن صاحبها في الطّريق تكون حجابا عظيما وسدّا سديدا عن السّلوك الى الله بل السّلوك الى الله لا يكون الّا بطرح جملة علوم النّفس والخروج من العلوم النّفسانيّة الى الجهل كما قيل : الخروج من الجهل جهل ، والخروج الى الجهل علم ، لانّ النّفس إذا كانت متصوّرة بصور تلك العلوم ظهرت بالانانيّة ، والانانيّة كبرياء النّفس الّتى من اتّصف بها بادر الله