رقبة نفسه عن التّقيّد بقيود النّفس كان المراد به أصل الخصال وروحها الّذى يعبّر عنه بالفناء عن نسبة الأفعال والصّفات الى نفسه بل عن نسبة الذّات الى نفسه ولذلك قدّمه على الجميع ، وان كان المراد به فكّ رقاب النّاس عن رقّيّة أنفسهم وعن النّار كان اشارة الى أشرف أقسام العدل ، وان كان المراد به فكّ رقاب العبيد الصّوريّة عن الرّقبة كان اشارة الى أعلى أقسام السّخاوة الّتى هي أشرف أنواع العفّة (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) اى ذي مجاعة اشارة الى السّخاوة على المعاني الثّلاثة الاوّل لقوله فكّ رقبة والى صنف آخر من السّخاوة على الأخير (يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ) ذا فقر من ترب تربا ومتربا ومتربة بمعنى افتقر (ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) عطف على إطعام من قبيل عطف الفعل على الاسم الخالص بتأويل المصدر بتقدير ان ، وحينئذ يكون فكّ رقبة اشارة الى الفناء الّذى هو أصل جملة الخصال ، ويكون لفظة أو للتّرديد بينه وبين الخصال الّتى تحصل بالبقاء بالله بعد الفناء في الله ، ويكون الإطعام اشارة الى العفّة ، والكون من الّذين آمنوا ، اشارة الى أفضل أنواع الحكمة ، ويكون قوله تعالى (وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) اشارة الى الشّجاعة فانّ حبس النّفس عن الجزع عند المصيبة ، وعن المعصية عند اقتضاء القوى النّفسانيّة ، وعلى الطّاعة من قوّة القلب الّتى هي الشّجاعة ، وقوله تعالى (تَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) اشارة الى العدالة فانّ العدل الّذى هو وضع كلّ شيء في محلّه لا يتأتّى الّا بالمرحمة ، والتّواصى بها شعبة من العدالة ، أو قوله كان من الّذين آمنوا عطف على قوله تعالى اقتحم العقبة والعطف بثمّ للتّفاوت بين المرتبتين (أُولئِكَ) هم (أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) جواب لسؤال مقدّر وقد مضى انّ أصحاب اليمين شيعة أمير المؤمنين (ع) (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ) أوصد اتّخذ حظيرة لإبله ، وأوصد الكلب اغراه ، والباب اطبقه وأغلقه.
سورة والشّمس
مكّيّة ، كلّها ستّ عشرة آية.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالشَّمْسِ وَضُحاها) اقسم بالشّمس الصّوريّة ، أو بالشّمس الحقيقيّة ، أو بالرّوح الانسانيّة (وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) اى خلّفها في الاضاءة ، أو تبعها في الطّلوع أو تلاها عند غروبها بان طلع حين غروبها وهو في أواسط الشّهر ، أو اقسم بقمر النّفس الانسانيّة إذا تلى وتبع الرّوح في العروج الى الله (وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها) اى جلّى الشّمس وأبرزها بكمال الظّهور وهو أوقات أواسط النّهار ، أو المراد بالشّمس الامام وبالنّهار الصّدر المنشرح بالإسلام إذا ابرز الامام واستشرق بنور الامام ، وهو وقت نزول السّكينة على السّالك بظهور الامام بملكوته عليه (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها) اقسم باللّيل ووقت احاطة ظلمته نور الشّمس فانّ بقاء المواليد وتوليدها لا يكون الّا بظهور الشّمس وغشيان اللّيل (وَالسَّماءِ وَما بَناها) اى والّذى بناها ، أتى بما ليكون موافقا لاعتقاد جميع الفرق ، أو لفظة ما مصدريّة