أمّتي أمّتي!. ثمّ يوضع عليها الصّراط ادقّ من الشّعر واحدّ من حدّ السّيف عليه ثلاث قناطر ، فامّا واحدة فعليها الامانة والرّحم ، والثّانية فعليها الصّلوة ، والثّالثة فعليها ربّ العالمين لا اله غيره فيكلّفون الممرّ عليها فيحبسهم الرّحم والامانة ، فان نجوا منها حبستهم الصّلوة ، فان نجوا منها كان المنتهى الى ربّ العالمين وهو قوله : انّ ربّك لبالمرصاد ، والنّاس على الصّراط ، متعلّق بيد ، وتزلّ قدم ، ويستمسك بقدم والملائكة حولها ينادون : يا حليم اعف واصفح وعد بفضلك وسلّم سلّم ، والنّاس يتهافتون في النّار كالفراش فاذا نجا ناج برحمة الله مرّ بها ، فقال : الحمد لله وبنعمته تتمّ الصّالحات وتزكو الحسنات والحمد لله الّذى نجّاني منك بعد أياس عنه وفضله ، انّ ربّنا لغفور شكور (يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ) هذه جواب إذا أو هذه مستأنفة وجواب إذا محذوف أو جوابها قوله تعالى : يقول يا ليتني قدّمت ، أو قوله : فيومئذ لا يعذّب عذابه أحد والمقصود انّ الإنسان في ذلك اليوم يتذكّر خيره وشرّه ، وانّ اىّ الأعمال كان نافعا وايّها كان ضارّا لكن لا ينفعه ذلك التّذكّر ولذلك قال (وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى) اى الذّكرى النّافعة (يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) اى ليتني قدّمت لانتفاعى في حيوتى في الآخرة ، أو ليتني قدّمت في حيوتى الدّنيا (فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ) قرئ يعذّب بالبناء للفاعل وبالبناء للمفعول وعلى القرائتين فضمير عذابه لله أو للإنسان وعذابه مفعول مطلق نوعىّ وهذه أوصاف الإنسان الغافل الكافر (أَحَدٌ وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) حال أو جواب لسؤال مقدّر عن حال الإنسان المؤمن ناش عن ذكر الإنسان الكافر واحكامه وكلا الوجهين بتقدير القول ، ونفس الإنسان ذات مراتب ودرجات عديدة وأمّهات مراتبها بحسب تمكّن الشّيطان منه وتمكّنه في دار الرّحمن وتوسّطه منهما ثلاث ، وتسمّى الاولى بالامّارة وهي الّتى تأمر بالسّوء اى بما تهواه سواء كان في صورة الخير أو الشّرّ ، ولا ترتدع ولا تندم عليه ، والثّانية باللّوّامة وهي الّتى تلوم نفسها في كلّ ما تأتى خيرا كان أو شرّا وتحزن على ما فعل من حيث شرّيّته ، أو من حيث نقصانه عن درجة الكمال ، أو من حيث نسبته الى نفسها ، والثّالثة بالمطمئنّة لاطمئنانها الى ربّها وخروجها عن انانيّتها الّتى هي سبب اضطرابها (ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ) المضاف الّذى هو ولىّ أمرك وهو على الإطلاق علىّ (ع) أو الى ربّ الأرباب بالرّجوع الى مظاهره ودار كرامته وضيافته (راضِيَةً) بما فعل ربّك بك (مَرْضِيَّةً) عند ربّك وخلفائه (فَادْخُلِي فِي عِبادِي) لخروجك عن انانيّتك ودخولك في العبوديّة بالخروج من الانانيّة (وَادْخُلِي جَنَّتِي) المضاف الى نفسي المعدّة لأوليائي.
اعلم ، انّه لا يحصل الاطمينان للسّلّاك الى الله الّا بنزول السّكينة الّتى تسمّى في اصطلاح الصّوفيّة بالفكر والحضور ، وهو ان يتمثّل ملكوت ولىّ الأمر في صدر السّالك ، وحصول صورة ولىّ الأمر امّا يكون بنحو المباينة أو بنحو الاتّصال أو بنحو الاتّحاد أو بنحو الوحدة ، ولا يحصل الاطمينان التّامّ الّا في المرتبة الاخيرة وان كان يحصل اطمينان ما في المراتب الاخر أيضا ، وفيما روى عن الصّادق (ع) دلالة على ما ذكر وهو انّه سئل هل يكره المؤمن على قبض روحه؟ ـ قال : لا والله انّه إذا أتاه ملك الموت لقبض روحه جزع عند ذلك فيقول له ملك الموت : يا ولىّ الله لا تجزع فو الّذى بعث محمّدا (ص) لأنا أبرّ بك وأشفق من والد رحيم لو حضرك ، افتح عينيك فانظر ، قال : ويتمثّل له رسول الله (ص) وأمير المؤمنين (ع) وفاطمة (ع) والحسن (ع) والحسين (ع) والائمّة (ع) من ذرّيّتهم فيقال له : هذا رسول الله (ص) وأمير المؤمنين (ع) وفاطمة (ع) والحسن (ع) والحسين (ع) والائمّة (ع) رفقاؤك فيفتح فينظر فينادى روحه مناد من قبل ربّ العزّة فيقول : يا ايّتها النّفس المطمئنّة اى الى آل محمّد (ص) وأهل بيته ارجع الى ربّك راضية بالولاية