عهدهم وكان سبب ذلك بنى النّضير وذلك انّه أتاهم رسول الله (ص) يستسلفهم دية رجلين قتلهما رجل من أصحابه غيلة يعنى يستقرض ، وكان (ص) قصد كعب بن الأشرف فلمّا دخل على كعب قال : مرحبا يا أبا القاسم وأهلا وقام كأنّه يصنع له الطّعام وحدّث نفسه ان يقتل رسول الله (ص) ويتبع أصحابه ، فنزل جبرئيل فأخبره بذلك فرجع رسول الله (ص) الى المدينة وقال لمحمّد بن مسلمة الانصارىّ : اذهب الى بنى النّضير فأخبرهم انّ الله تعالى قد أخبرنى بما هممتم به من الغدر فامّا ان تخرجوا من بلدنا وامّا ان تأذنوا بحرب ، فقالوا : نخرج من بلادك فبعث إليهم عبد الله بن ابىّ : الّا تخرجوا وتقيموا وتنابذوا محمّدا الحرب فانّى أنصركم انا وقومي وحلفائى ، فان خرجتم خرجت معكم وان قاتلتم قاتلت معكم ، فأقاموا وأصلحوا حصونهم وتهيّؤا للقتال وبعثوا الى رسول الله (ص) انّا لا نخرج فاصنع ما أنت صانع ، فقام رسول الله (ص) وكبّر وكبّر أصحابه وقال لأمير المؤمنين (ع) : تقدّم الى بنى النّضير فأخذ أمير المؤمنين (ع) الرّاية وتقدّم وجاء رسول الله (ص) وأحاط بحصنهم وغدر بهم عبد الله بن ابىّ وكان رسول الله (ص) إذا ظهر بمقدّم بيوتهم حصّنوا ما يليهم وخرّبوا ما يليه ، وكان الرّجل منهم ممّن كان له بيت حسن خرّبه وقد كان رسول الله (ص) امر بقطع نخلهم فجزعوا من ذلك وقالوا : يا محمّد (ص) انّ الله يأمرك بالفساد؟! ان كان لك هذا فخذه ، وان كان لنا فلا تقطعه ، فلمّا كان بعد ذلك قالوا : يا محمّد (ص) نخرج من بلادك فأعطنا مالنا ، فقال : لا ، ولكن تخرجون ولكم ما حملت الإبل ، فلم يقبلوا ذلك ، فبقوا ايّاما ثمّ قالوا : نخرج ولنا ما حملت الإبل ، فقال : لا ، ولكن تخرجون ولا يحمل أحد منكم شيئا فمن وجدنا معه شيئا من ذلك قتلناه ، فخرجوا على ذلك ووقع قوم منهم الى فدك ووادي القرى ، وخرج قوم منهم الى الشّام ، وقيل : لمّا غزا رسول الله (ص) غزاة بدر قال بنو النّضير : هذا هو النّبىّ الموعود انّه لا تردّ له راية ، فلمّا غزا غزاة أحد وهزم المسلمون ارتابوا ، وكان بينهم وبين محمّد (ص) عهد فنقضوا العهد وركب كعب بن الأشرف في أربعين راكبا منهم الى مكّة ، فأتوا قريشا وأبا سفيان وحالفوا على ان يكون كلمتهم واحدة على محمّد (ص) ، فأخبر الله تعالى رسوله (ص) بذلك ، فلمّا ورد كعب بن الأشرف امر الله رسوله (ص) بقتل كعب بن الأشرف فأمر محمّد بن مسلمة وكان أخا كعب من الرّضاعة بقتله فخرج محمّد ومعه اربعة رجال وذهب الى قرب قصره واجلس قومه عند جدار وناداه : يا كعب ، فانتبه ، وقال : من أنت؟ ـ قال : انا محمّد بن مسلمة أخوك ، جئتك استقرض منك دراهم فانّ محمّدا (ص) يسألنا الصّدقة وليس معنا الدّراهم فقال : لا أقرضك الّا بالرّهن ، قال : معى رهن انزل فخذه ، وكانت له امرأة بنى بها تلك اللّيلة ، فقالت : لا أدعك تنزل لانّى ارى حمرة الدّم في ذلك الصّوت فلم يلتفت إليها فخرج ، وعانقه محمّد بن مسلمة وهما يتحادثان حتّى تباعدا من القصر الى الصّحراء ، ثمّ أخذ رأسه ودعا بقومه وصاح كعب فسمعت امرأته وصاحت وسمع بنو النّضير صوتها فخرجوا نحوه فوجدوه قتيلا. ورجع القوم سالمين الى رسول الله (ص) ، فأمر رسول الله (ص) بحربهم. قيل : كان اجلاء بنى النّضير مرجع النّبىّ (ص) من أحد وكان فتح قريظة مرجعه من الأحزاب ، وبينهما سنتان. وقيل : كان اجلاء بنى النّضير قبل أحد على رأس ستّة أشهر من وقعة بدر ، وقيل : كان ذلك بعد الحديبيّة ، واليه أشار المولوىّ قدسسره بقوله :
وقت وا گشت حديبيه رسول |
|
در تفكّر بود وغمگين وملول |
ناگهان اندر حق شمع رسل |
|
دولت انّا فتحنا زد دهل |
آمدش پيغام از دولت كه رو |
|
تو ز منع اين ظفر غمگين مشو |
كاندر اين خوارى بنقدت فتحهاست |
|
نك فلان قلعه فلان قلعه تراست |
بنگر آخر چونكه وا گرديد تفت |
|
بر قريظه وبر نضير از وى چه رفت |
(وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ) كانت بنو النّضير يخربون بيوتهم