الى السّحر تارة والى انّه يتصرّف في الأبصار اخرى ردّ الله تعالى عليهم قولهم في حقّه فقال : أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون بالتّصرّف في أبصاركم؟ (اصْلَوْها) يعنى يقال لهم : اصلوها (فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا) لفظة أو للتّسوية ولذلك اكّد المفهوم بالتّصريح فقال : (سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) جواب لسؤال كأنّه قيل : لم نعذّب هذا العذاب؟ (إِنَّ الْمُتَّقِينَ) عن تكذيب الله ورسوله (ص) في ولاية علىّ (ع) بالإقرار له والبيعة معه بيعة خاصّة ولوية (فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ) تنكير الجنّات والنّعيم للتّفخيم (فاكِهِينَ) متنعّمين أو معجبين (بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ كُلُوا وَاشْرَبُوا) حاليّة أو مستأنفة جواب لسؤال مقدّر بتقدير القول (هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ مُتَّكِئِينَ) حال (عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ) متّصل بعضها ببعض (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) أتى بالماضي للاشعار بانّ التّزويج حاصل لهم في دار الدّنيا وان كان لا يظهر عليهم ، أو للاشارة الى تحقّق وقوعه (وَالَّذِينَ آمَنُوا) بالبيعة العامّة أو بالبيعة الخاصّة (وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ) الذّرّيّة تقع على الواحد والكثير وهي الصّغار من أولاد الرّجل أو مطلق الأولاد ، والباء بمعنى مع ، أو بمعنى في ، أو للسّببيّة وتنكير الايمان للاشعار بكفاية ايمان ما للإلحاق ولو كان ايمانا حكميّا فانّ صغار أولاد المسلمين في حكم الإسلام وان لم يحكم عليهم بالإسلام الحقيقىّ لعدم تعلّق التّكليف بهم بعد (أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) والمراد انّه تعالى يلحق أولاد المؤمنين المكلّفين منهم القاصرين عن درجة آبائهم بآبائهم تشريفا لايمان آبائهم ، وغير المكلّفين منهم بمحض ايمان الآباء يلحقون بالآباء تشريفا لهم كما في الاخبار انّ الصّغار من الأولاد تهدى في الجنّة للآباء (وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) بواسطة الحاق الأولاد (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) حاليّة أو معترضة جواب لسؤال مقدّر (وَأَمْدَدْناهُمْ) يعنى أعطيناهم على التّدريج والاستمرار (بِفاكِهَةٍ) شريفة لا يمكن تعريفها (وَلَحْمٍ) غير معروف ليس من جنس لحوم الدّنيا حتّى يمكن تعريفها (مِمَّا يَشْتَهُونَ) اى من لحم أو من ذي لحم يشتهونه من لحم الطّيور وغير الطّيور (يَتَنازَعُونَ) اى يتجاذبون من وجد (فِيها كَأْساً) الكأس مهموزة اسم لما يشرب منه ، أو اسم له ما دام الشّراب فيه ، وتطلق على الخمر أيضا وهي مؤنّثة سواء أريد بها ما يشرب به أو الخمر (لا لَغْوٌ فِيها) يعنى لا يجرى بينهم لغو حين تعاطيها مثل الكؤوس الدّنيويّة (وَلا تَأْثِيمٌ) اى لا جعل الشّارب آثما بخلاف كؤوس الدّنيا (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ) في الحسن والصّباحة والصّفاء والبياض ، وتوصيف اللّؤلؤ بكونه مكنونا لكون المكنون محفوظا من الاغبرة وما يكدّره (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ) اى كلّ بعض منهم (عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) عن سبب تنعّمهم في الجنّة بقرينة ما يأتى (قالُوا) في الجواب (إِنَّا كُنَّا قَبْلُ) اى قبل الآخرة (فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ) على أهلنا ، أو مشفقين من عذاب الله (فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنا) بهذه النّعم (وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ) السّموم من أسماء جهنّم ، أو السّموم الحرّ الّذى يدخل في مسامّ البدن (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ) الّذى لا يدع من يدعوه من غير نصرة (الرَّحِيمُ) الّذى يتفضّل على عباده من غير استحقاق منهم (فَذَكِّرْ) يعنى إذا كان الأمر هكذا فذكّر ولا تبال بردّهم وقبولهم فانّه ينفع بعضهم