بمتقضى الفساد بترك كل ما يحتمل كونه إحراماً ، خرج منه ما عدا النية فتوًى وروايةً ، لاتفاقهما على الصحة في [ تركه ، فيبقى تركها (١) ] تحت الأصل مندرجاً.
وفيه نظر ، أما أولاً : فلمنع الإجمال بإمكان ترجيح الأول من الأقوال بالتبادر عند المتشرعة ، فيكون مراداً من الصحيحة ولو على القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعية ، لوجود القرينة ، وهي اتفاق الطائفة.
وأما ثانياً : فلدخول النية الإحرام على جميع الأقوال وإن اختلف في الزيادة ، بل ظاهر جملة منها أنها الإحرام خاصة ، فتركها يدخل في الصحيحة.
وأما ثالثاً : فلأن الإجمال يقتضي الرجوع في المشتبه إلى مقتضى الأصل ، وهو هنا البراءة ؛ لأن الإحرام المأمور به عموماً فتوًى وروايةً ، والمصرَّح في الصحيح بعدم البأس بتركه جهلاً ، إما ما أفادته الأخبار من خصوص التلبية فلا دليل على وجوب غيرها مطلقاً ، لا مجملاً ولا مبيّناً ، أو ما ذكره الأصحاب وهو يشمل النية فتركها يدخل في الصحيحة. وتقييدها بالمرسلة فرع حجيتها ، وهي هنا ممنوعة ؛ لخلو فتوى الأكثر الجابرة لها عن التقييد بما إذا نوى ، وإنما هو شيء مذكور في عبارة الشيخ ، هذا ، مع نوع إجمال فيها.
فالإطلاق كما عليه الأكثر لعلّه أقوى.
والمناقشة باختصاص الصحيحة بالجاهل فلا يتعدّى إلى الناسي الذي هو مفروض المسألة ، مدفوعة بما عرفته من الأولوية إن لم نقل بعمومه لهما لغة ، وإلاّ فالصحيحة مطلقة.
ومنع الأولوية محل مناقشة ، كيف وقد فهمها الجماعة ، واتّضح في الناسي وجه الحكمة ، وهو ما استدل به جماعة (٢) من أن السهو والنسيان
__________________
(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ : تركها خاصة ، فيبقى ما عداها .. ، والمعنى معه غير مستقيم كما يظهر بالتأمّل ، وقد راجعنا للتصحيح إلى جواهر الكلام ١٨ : ١٣٥.
(٢) كالفاضل المقداد في التنقيح ١ : ٤٥١ ، والمهذب البارع ٢ : ١٥٨.