والمعترّ فيه كناية عن الإهداء.
ويمكن الجواب عن الأول : بالمنع من عدم قول الأصحاب برجحان إطعام الأهل الثلث ، وذلك فإنه وإن لم يصرّحوا باستحبابه بالخصوص ، لكن صرّحوا باستحباب أكل الثلث ، وهو وإن كان ظاهراً في أكل الذابح نفسه إلاّ انَّ المراد لعلّه مع أهله وإلاّ فيتعسّر أو يتعذر غالباً أكله الثلث وحده ، إلاّ في مدة مديدة لا يمكن أكله الثلث فيها إلاّ بإخراجه من منى ، وقد منعوا عنه كما مضى ، فلا يجامع حكمهم ذلك حكمهم باستحباب أكله بنفسه الثلث هنا.
ومن هنا يظهر ان أكل الثلث بنفسه ليس واجب قطعاً ، بل ولا خلاف فيه أيضاً ، وإنما اختلفوا في وجوبه في الجملة ولو قليلاً ، فالشيخ وجماعة على الاستحباب (١) ، وعزاه في الدروس إلى الأصحاب (٢). ولعلّه الأقوى ؛ للأصل السليم عمّا يصلح للمعارضة ، عدا ما ستعرفه مع الجواب عنه.
( وقيل : يجب الأكل منه ) وهو الحلّي كما عرفت ، وتبعه من المتأخرين جماعة (٣) ؛ لما ذكره من الأمر به في الآية الشريفة ، مضافاً إلى الأمر به في الصحيح أو الموثق : « إذا ذبحت أو نحرت فكل وأطعم كما قال الله تعالى : ( فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) وقال : « القانع : الذي يقنع بما أعطيته ، والمعتر : الذي يعتريك ، والسائل : الذي يسألك في
__________________
(١) الشيخ في النهاية : ٢٦١ ، الحلبي في الكافي : ٢٠٠ ، القاضي في المهذّب ١ : ٢٥٩.
(٢) الدروس ١ : ٤٣٩.
(٣) منهم : العلاّمة في المختلف : ٣٠٦ ، وصاحب المدارك ٨ : ٤٣ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٦٨.