وأقل مراتب الأمر الاستحباب إلى أن قال ـ : لو لم يأكل من التطوع لم يكن به بأس بلا خلاف. ومراده بهدي التطوع هدي القرآن ، كما صرّح به في موضع آخر منه (١).
وحينئذ فلا بدّ من صرف الآية والرواية عن ظاهرهما ، فإما إلى الاستحباب ، أو التخصيص بهدي التمتع دون غيره ، والثاني وإن كان أولى إلاّ أن الشهرة مع ما قدّمناه من الجواب الأول يرجّحان الأول ، أو يساويانه مع الثاني ، فليرجع إلى حكم الأصل ، وهو البراءة من الوجوب.
والعجب من العلاّمة في المنتهى حيث قال فيه بوجوب الأكل مستدلاً بالآية الشريفة ، ومع ذلك أنه استدل لاستحباب الأكل من هدي التطوع بالآية المزبورة ، مع أنه ليس فيها إلا أمر واحد ، ولا يمكن حمله في استعمال واحد على معنييه الحقيقي والمجازي ، فإما الوجوب أو الاستحباب ، لا سبيل إلى الأول بعد تصريحة لشمول الآية لهدي القرآن المستحب فيه الأكل بلا خلاف كما ذكره ، فتعيّن الثاني.
وبالجملة : الذي يقتضيه النظر وتتبع الأخبار والفتاوي رجحان القول بالاستحباب وإن كان الأحوط القول بالإيجاب.
( ويكره التضحية بالثور والجاموس ) كما في الشرائع والإرشاد والقواعد والتحرير والمنتهى (٢) من غير نقل خلاف فيه أصلاً ، قال : لما رواه الشيخ عن أبي بصير ، قال سألته عن الأضاحي ، قال : « أفضل الأضاحي في الحج الإبل والبقر ذوات الأرحام ، ولا يضحّى بثور ولا جمل » (٣).
__________________
(١) المنتهى ٢ : ٧٤٩.
(٢) الشرائع ١ : ٢٦١ ، الإرشاد ١ : ٣٣٣ ، القواعد ١ : ٨٨ ، التحرير ١ : ١٠٥ ، المنتهى ٢ : ٧٤٢.
(٣) التهذيب ٥ : ٢٠٤ / ٦٨٢ ، الوسائل ١٤ : ٩٩ أبواب الذبح ب ٩ ح ٤.