أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ) [المائدة : ٦٤] ، فيكون (قَدْحاً) ترشيحا لاستعارة (الموريات) ومنصوبا على المفعول المطلق ل (الموريات) وجوز أن يكون (قَدْحاً) بمعنى استخراج المرق من القدر في القداح لإطعام الجيش أو الركب ، وهو مشتق من اسم القدح ، وهو الصحفة فيكون (قَدْحاً) مصدرا منصوبا على المفعول لأجله.
والمغيرات : اسم فاعل من أغار ، والإغارة تطلق على غزو الجيش دارا وهو أشهر إطلاقها فإسناد الإغارة إلى ضمير (الْعادِياتِ) مجاز عقلي فإن المغيرين راكبوها ولكن الخيل أو إبل الغزو أسباب للإغارة ووسائل.
وتطلق الإغارة على الاندفاع في السير.
و (صُبْحاً) ظرف زمان فإذا فسر «المغيرات» بخيل الغزاة فتقييد ذلك بوقت الصبح لأنهم كانوا إذا غزوا لا يغيرون على القوم إلا بعد الفجر ولذلك كان منذر الحيّ إذا أنذر قومه بمجيء العدوّ نادى : يا صباحاه ، قال تعالى : (فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ) [الصافات : ١٧٧].
وإذا فسر «المغيرات» بالإبل المسرعات في السير ، فالمراد : دفعها من مزدلفة إلى منى صباح يوم النحر وكانوا يدفعون بكرة عند ما تشرق الشمس على ثبير ومن أقوالهم في ذلك : «أشرق ثبير كيما نغير».
«وأثرن به نقعا» : أصعدن الغبار من الأرض من شدة عدوهن ، والإثارة : الإهاجة ، والنقع : الغبار.
والباء في (بِهِ) يجوز أن تكون سببية ، والضمير المجرور عائد إلى العدو المأخوذ من (الْعادِياتِ) ويجوز كون الباء ظرفية والضمير عائدا إلى (صُبْحاً) ، أي أثرن في ذلك الوقت وهو وقت إغارتها.
ومعنى : «وسطن» : كنّ وسط الجمع ، يقال : وسط القوم ، إذا كان بينهم.
و (جَمْعاً) مفعول : «وسطن» وهو اسم لجماعة الناس ، أي صرن في وسط القوم المغزوون. فأما بالنسبة إلى الإبل فيتعين أن يكون قوله : (جَمْعاً) بمعنى المكان المسمى (جَمْعاً) وهو المزدلفة فيكون إشارة إلى حلول الإبل في مزدلفة قبل أن تغير صبحا منها إلى عرفة إذ ليس ثمة جماعة مستقرة في مكان تصل إليه هذه الرواحل.