على طريقة المبالغة.
والاستغناء : عدّ الشخص نفسه غنيا في أمر يدل عليه السياق قول ، أو فعل أو علم ، فالسين والتاء للحسبان ، أي حسب نفسه غنيا ، وأكثر ما يستعمل الاستغناء في التكبر والاعتزاز بالقوة.
فالمراد ب (مَنِ اسْتَغْنى) هنا : من عدّ نفسه غنيا عن هديك بأن أعرض عن قبوله لأنه أجاب قول النبي صلىاللهعليهوسلم له : «هل ترى بما أقول بأسا ، بقوله : لا والدماء ...» كناية عن أنه لا بأس به يريد ولكني غير محتاج إليه.
وليس المراد ب (مَنِ اسْتَغْنى) من استغنى بالمال إذ ليس المقام في إيثار صاحب مال على فقير.
وهذا الذي تصدّى النبي صلىاللهعليهوسلم لدعوته وعرض القرآن عليه هو على أشهر الأقوال المروية عن سلف المفسرين الوليد بن المغيرة المخزومي كما تقدم.
والإتيان بضمير المخاطب مظهرا قبل المسند الفعلي دون استتاره في الفعل يجوز أن يكون للتقوي كأنه قيل : تتصدى له تصديا ، فمناط العتاب هو التصدي القوي.
ويجوز أن يكون مفيدا للاختصاص ، أي فأنت لا غيرك تتصدّى له ، أي ذلك التصدّي لا يليق بك. وهذا قريب من قولهم : مثلك لا يبخل ، أي لو تصدّى له غيرك لكان هونا ، فأما أنت فلا يتصدى مثلك لمثله فمناط العتاب هو أنه وقع من النبيصلىاللهعليهوسلم في جليل قدره.
وقرأ نافع وابن كثير وأبو جعفر بفتح التاء وتشديد الصاد على إدغام إحدى التاءين في الصاد. والباقون بالفتح وتخفيف الصاد على حذف إحدى التاءين.
والتصدّي : التعرض ، أطلق هنا على الإقبال الشديد مجازا.
(وَما عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى (٧))
جملة معترضة بين جملة (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى) [عبس : ٥] وجملة : (وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى) [عبس : ٨] ، والواو اعتراضية.
و (ما) نافية و (عَلَيْكَ) خبر مقدم. والمبتدأ (أَلَّا يَزَّكَّى) ، والمعنى : عدم تزكّيه