أشار إليه قوله : (وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى) [الضحى : ٨].
ورفع الذكر مجاز في إلهام الناس لأن يذكروه بخير ، وذلك بإيجاد أسباب تلك السمعة حتى يتحدث بها الناس ، استعير الرفع لحسن الذكر لأن الرفع جعل الشيء عاليا لا تناله جميع الأيدي ولا تدوسه الأرجل. فقد فطر الله رسوله صلىاللهعليهوسلم على مكارم يعزّ وجود نوعها ولم يبلغ أحد شأو ما بلغه منها حتى لقب في قومه بالأمين. وقد قيل إن قوله تعالى : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ) [التكوير : ١٩ ـ ٢١] مراد به النبي صلىاللهعليهوسلم.
ومن عظيم رفع ذكره أن اسمه مقترن باسم الله تعالى في كلمة الإسلام وهي كلمة الشهادة.
وروي هذا التفسير عن النبي صلىاللهعليهوسلم في حديث أبي سعيد الخدري عند ابن حبان وأبي يعلى قال السيوطي : وإسناده حسن ، وأخرجه عياض في «الشفاء» بدون سند. والقول في ذكر كلمة (لَكَ) مع (وَرَفَعْنا) كالقول في ذكر نظيرها مع قوله : (أَلَمْ نَشْرَحْ)
وإنما لم يذكر مع (وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ) بأن يقال : ووضعنا لك وزرك للاستغناء بقوله : (عَنْكَ) فإنه في إفادة الإبهام ثم التفصيل مساو لكلمة (لَكَ) ، وهي في إفادة العناية به تساوي كلمة (لَكَ) ، لأن فعل الوضع المعدّى إلى الوزر يدل على أن الوضع عنه فكانت زيادة (عَنْكَ) إطنابا يشير إلى أن ذلك عناية به نظير قوله : (لَكَ) الذي قبله ، فحصل بذكر (عَنْكَ) إيفاء إلى تعدية فعل (وَضَعْنا) مع الإيفاء بحق الإبهام ثم البيان.
[٥ ـ ٦] (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٦))
الفاء فصيحة تفصح عن كلام مقدر يدل عليه الاستفهام التقريري هنا ، أي إذا علمت هذا وتقرر ، تعلم أن اليسر مصاحب للعسر ، وإذ كان اليسر نقيض العسر كانت مصاحبة اليسر للعسر مقتضيه نقض تأثير العسر ومبطلة لعمله ، فهو كناية رمزية عن إدراك العناية الإلهية به فيما سبق ، وتعريض بالوعد باستمرار ذلك في كل أحواله.
وسياق الكلام وعد للنبي صلىاللهعليهوسلم بأن ييسر الله له المصاعب كلّما عرضت له ، فاليسر لا يتخلف عن اللحاق بتلك المصاعب ، وذلك من خصائص كلمة (مَعَ) الدالة على المصاحبة.