(وَلِأَنْعامِكُمْ) في جمع ما قسّم قبله.
وذكر في «الكشاف» وجها آخر خاصا بكلام عمر فقال : «إن القوم كانت أكبر همتهم عاكفة على العمل ، وكان التشاغل بشيء من العلم لا يعمل به تكلفا عندهم ، فأراد عمر أن الآية مسوقة في الامتنان على الإنسان. وقد علم من فحوى الآية أنّ الأبّ بعض ما أنبته الله للإنسان متاعا له ولأنعامه فعليك بما هو أهم من النهوض بالشكر لله على ما تبين لك مما عدد من نعمه ولا تتشاغل عنه بطلب معنى الأبّ ومعرفة النبات الخاص الذي هو اسم له واكتف بالمعرفة الجملية إلى أن يتبين لك في غير هذا الوقت ، ثم وصى الناس بأن يجروا على هذا السنن فيما أشبه ذلك من مشكلات القرآن ا ه». ولم يأت كلام «الكشاف» بأزيد من تقرير الإشكال.
وقوله : (مَتاعاً لَكُمْ) حال من المذكورات يعود إلى جميعها على قاعدة ورود الحال بعد مفردات متعاطفة ، وهذا نوع من التنازع.
وقوله : (وَلِأَنْعامِكُمْ) عطف قوله : (لَكُمْ)
والمتاع : ما ينتفع به زمنا ثم ينقطع ، وفيه لفّ ونشر مشوّش ، والسامع يرجع كل شيء من المذكورات إلى ما يصلح له لظهوره. وهذه الحال واقعة موقع الإدماج أدمجت الموعظة والمنة في خلال الاستدلال.
[٣٣ ـ ٤٢] (فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ (٣٣) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (٣٧) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (٣٨) ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (٣٩) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ (٤٠) تَرْهَقُها قَتَرَةٌ (٤١) أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (٤٢))
الفاء للتفريع على اللوم والتوبيخ في قوله : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) [عبس : ١٧] وما تبعه من الاستدلال على المشركين من قوله : (مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) إلى قوله (أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا) [عبس : ١٨ ـ ٢٥] ، ففرع على ذلك إنذار بيوم الجزاء ، مع مناسبة وقوع هذا الإنذار عقب التعريض والتصريح بالامتنان في قوله : (إِلى طَعامِهِ) [عبس : ٢٤] وقوله : (مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) [عبس : ٣٢] على نحو ما تقدم في قوله : (فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى) من سورة النازعات [٣٤].
و (الصَّاخَّةُ) : صيحة شديدة من صيحات الإنسان تصخ الأسماع ، أي تصمها.