للمتقين ، ومختلط لمن عملوا عملا صالحا وآخر سيئا.
[٦ ـ ٨] (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (٨))
استئناف ابتدائي لأن ما قبله بمنزلة المقدمة له لتهيئة السامع لتلقي هذه الموعظة لأن ما سبقه من التهويل والإنذار يهيّئ النفس لقبول الموعظة إذ الموعظة تكون أشدّ تغلغلا في القلب حينئذ لما يشعر به السامع من انكسار نفسه ورقّة قلبه فيزول عنه طغيان المكابرة والعناد فخطر في النفوس ترقب شيء بعد ذلك.
النداء للتنبيه تنبيها يشعر بالاهتمام بالكلام والاستدعاء لسماعه فليس النداء مستعملا في حقيقته إذ ليس مرادا به طلب إقبال ولا هو موجّه لشخص معين أو جماعة معينة بل مثله يجعله المتكلم موجّها لكل من يسمعه بقصد أو بغير قصد.
فالتعريف في (الْإِنْسانُ) تعريف الجنس ، وعلى ذلك حمله جمهور المفسرين ، أي ليس المراد إنسانا معينا ، وقرينة ذلك سياق الكلام مع قوله عقبه (بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ) [الانفطار : ٩ ، ١٠] الآية.
وهذا العموم مراد به الذين أنكروا البعث بدلالة وقوعه عقب الإنذار بحصول البعث ويدل على ذلك قوله بعده : (بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ) [الانفطار : ٩] فالمعنى : يا أيها الإنسان الذي أنكر البعث ولا يكون منكر البعث إلا مشركا لأن إنكار البعث والشرك متلازمان يومئذ فهو من العامّ المراد به الخصوص بالقرينة أو من الاستغراق العرفي لأن جمهور المخاطبين في ابتداء الدعوة الإسلامية هم المشركون.
و (ما) في قوله : (ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ) استفهامية عن الشيء الذي غرّ المشرك فحمله على الإشراك بربه وعلى إنكار البعث.
وعن ابن عباس وعطاء : الإنسان هنا الوليد بن المغيرة ، وعن عكرمة المراد أبيّ بن خلف ، وعن ابن عباس أيضا : المراد أبو الأشد بن كلدة الجمحي ، وعن الكلبي ومقاتل : نزلت في الأسود بن شريق.
والاستفهام مجاز في الإنكار والتعجيب من الإشراك بالله ، أي لا موجب للشرك وإنكار البعث إلا أن يكون ذلك غرورا غرّه عنا كناية عن كون الشرك لا يخطر ببال العاقل