منها.
وعلى إثبات نجاة وفوز الذين آمنوا وعملوا الصالحات والداعين منهم إلى الحق.
وعلى فضيلة الصبر على تزكية النفس ودعوة الحق.
وقد كان أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم اتخذوها شعارا لهم في ملتقاهم. روى الطبراني بسنده إلى عبيد الله بن عبد الله بن الحصين الأنصاري (من التابعين) أنه قال : «كان الرجلان من أصحاب رسول الله إذا التقيا لم يفترقا إلّا على أن يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر إلى آخرها ثم يسلم أحدهما على الآخر (أي سلام التفرق وهو سنة أيضا مثل سلام القدوم).
وعن الشافعي : لو تدبر الناس هذه السورة لوسعتهم. وفي رواية عنه : لو لم ينزل إلى الناس إلا هي لكفتهم. وقال غيره : إنها شملت جميع علوم القرآن. وسيأتي بيانه.
[١ ـ ٣] (وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ (٣))
أقسم الله تعالى بالعصر قسما يراد به تأكيد الخبر كما هو شأن أقسام القرآن.
والمقسم به من مظاهر بديع التكوين الرباني الدال على عظيم قدرته وسعة علمه.
وللعصر معان يتعين أن يكون المراد منها لا يعدو أن يكون حالة دالة على صفة من صفات الأفعال الربانية ، يتعين إما بإضافته إلى ما يقدر ، أو بالقرينة ، أو بالعهد ، وأيّا ما كان المراد منه هنا فإن القسم به باعتبار أنه زمن يذكّر بعظيم قدرة الله تعالى في خلق العالم وأحواله ، وبأمور عظيمة مباركة مثل الصلاة المخصوصة أو عصر معين مبارك.
وأشهر إطلاق لفظ العصر أنه علم بالغلبة لوقت ما بين آخر وقت الظهر وبين اصفرار الشمس فمبدؤه إذا صار ظل الجسم مثله بعد القدر الذي كان عليه عند زوال الشمس ويمتد إلى أن يصير ظلّ الجسم مثلي قدره بعد الظل الذي كان له عند زوال الشمس. وذلك وقت اصفرار الشمس ، والعصر مبدأ العشيّ. ويعقبه الأصيل والاحمرار وهو ما قبل غروب الشمس ، قال الحارث بن حلزة :
آنست نبأة وأفزعها القنّ |
|
اص عصرا وقد دنا الإمساء |
فذلك وقت يؤذن بقرب انتهاء النهار ، ويذكر بخلقة الشمس والأرض ، ونظام حركة