وسوء مغبته.
وقيل : الضريع اسم سمّى القرآن به شجرا في جهنم وأن هذا الشجر هو الذي يسيل منه الغسلين الوارد في قوله تعالى : (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ) [الحاقة : ٣٥ ، ٣٦] وعليه فحرف (مِنْ) للابتداء ، أي ليس لهم طعام إلا ما يخرج من الضريع والخارج هو الغسلين وقد حصل الجمع بين الآيتين.
ووصف ضريع بأنه لا يسمن ولا يغني من جوع لتشويهه وأنه تمحض للضر فلا يعود على آكليه بسمن يصلح بعض ما التفح من أجسادهم ، ولا يغني عنهم دفع ألم الجوع ، ولعل الجوع من ضروب تعذيبهم فيسألون الطعام فيطعمون الضريع فلا يدفع عنهم ألم الجوع.
والسمن ، بكسر السين وفتح الميم : وفرة اللحم والشحم للحيوان يقال : أسمنه الطعام ، إذا عاد عليه بالسمن.
والإغناء : الإكفاء ودفع الحاجة. و (مِنْ جُوعٍ) متعلق ب (يُغْنِي) وحرف (مِنْ) لمعنى البدلية ، أي غناء بدلا عن الجوع.
والقصر المستفاد من قوله : (لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) مع قوله تعالى : (وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ) [الحاقة : ٣٦] يؤيد أن الضريع اسم شجر جهنم يسيل منه الغسلين.
[٨ ـ ١٠] (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِها راضِيَةٌ (٩) فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (١٠))
يتبادر في بادئ الرأي أن حق هذه الجملة أن تعطف على جملة (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ) [الغاشية : ٢] بالواو لأنها مشاركة لها في حكم البيان لحديث الغاشية كما عطفت جملة : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ) [عبس : ٤٠] على جملة : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ) في سورة عبس [٣٨]. فيتجه أن يسأل عن وجه فصلها عن التي قبلها ، ووجه الفصل التنبيه على أن المقصود من الاستفهام في (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ) [الغاشية : ١] الإعلام بحال المعرّض بتهديدهم وهم أصحاب الوجوه الخاشعة فلما حصل ذلك الإعلام بجملة : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ) [الغاشية : ٢] إلى آخرها تم المقصود ، فجاءت الجملة بعدها مفصولة لأنها جعلت استئنافا بيانيا جوابا عن سؤال مقدر تثيره الجملة السابقة فيتساءل السامع : هل من حديث الغاشية ما هو مغاير لهذا الهول؟ أي ما هو أنس ونعيم لقوم آخرين.