خاسِرَةٌ) استئنافا من جانب الله تعالى.
وعبر عن قولهم هذا بصيغة الماضي دون المضارع على عكس (يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ) [النازعات : ١٠] لأن هذه المقالة قالوها استهزاء فليست مما يتكرر منهم بخلاف قولهم : (أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ) فإنه حجة ناهضة في زعمهم ، فهذا مما يتكرر منهم في كل مقام. وبذلك لم يكن المقصود التعجيب من قولهم هذا لأن التعجيب يقتضي الإنكار وكون كرّتهم ، أي عودتهم إلى الحياة عودة خاسرة أمر محقق لا ينكر لأنهم يعودون إلى الحياة خاسرين لا محالة.
و (تِلْكَ) إشارة إلى الرّدة المستفادة من (مردودون) والإشارة إليه باسم الإشارة للمؤنث للإخبار عنه ب (كَرَّةٌ)
و (إذن) جواب للكلام المتقدم ، والتقدير : إذن تلك كرة خاسرة ، فقدم (تِلْكَ) على حرف الجواب للعناية بالإشارة.
والكرة : الواحدة من الكرّ ، وهو الرجوع بعد الذهاب ، أي رجعة.
والخسران : أصله نقص مال التجارة التي هي لطلب الربح ، أي زيادة المال فاستعير هنا لمصادفة المكروه غير المتوقع.
ووصف الكرّة بالخاسرة مجاز عقلي للمبالغة لأن الخاسر أصحابها. والمعنى : إنا إذن خاسرون لتكذيبنا وتبيّن صدق الذي أنذرنا بتلك الرجعة.
[١٣ ، ١٤] (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ (١٣) فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (١٤))
الفاء فصيحة للتفريع على ما يفيده قولهم (أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ* أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً) [النازعات : ٩ ، ١٠] من إحالتهم الحياة بعد البلى والفناء.
فتقدير الكلام : لا عجب في ذلك فما هي إلا زجرة واحدة فإذا أنتم حاضرون في الحشر.
وضمير (هي) ضمير القصة وهو ضمير الشأن. واختير الضمير المؤنث ليحسن عوده إلى زجرة. وهذا من أحسن استعمالات ضمير الشأن. والقصر حقيقي مراد منه تأكيد الخبر بتنزيل السامع منزلة من يعتقد أن زجرة واحدة غير كافية في إحيائهم.