أغراضها
والغرض منها تعليم النبي صلىاللهعليهوسلم كلمات للتعوذ بالله من شر ما يتّقى شره من المخلوقات الشريرة ، والأوقات التي يكثر فيها حدوث الشر ، والأحوال التي يستر أفعال الشر من ورائها لئلا يرمى فاعلوها بتبعاتها ، فعلّم الله نبيئه هذه المعوذة ليتعوذ بها ، وقد ثبت أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يتعوذ بهذه السورة وأختها ويأمر أصحابه بالتعوذ بهما ، فكان التعوذ بهما من سنة المسلمين.
[١ ، ٢] (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ (٢))
الأمر بالقول يقتضي المحافظة على هذه الألفاظ لأنها التي عينها الله للنبيصلىاللهعليهوسلم ليتعوذ بها فإجابتها مرجوة ، إذ ليس هذا المقول مشتملا على شيء يكلف به أو يعمل حتى يكون المراد : قل لهم كذا كما في قوله : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) [الإخلاص : ١] ، وإنما هو إنشاء معنى في النفس تدل عليه هذه الأقوال الخاصة.
وقد روي عن ابن مسعود في أنه سأل النبي صلىاللهعليهوسلم عن المعوذتين فقال : «قيل لي قل فقلت لكم فقولوا». يريد بذلك المحافظة على هذه الألفاظ للتعوذ وإذ قد كانت من القرآن فالمحافظة على ألفاظها متعينة والتعوذ يحصل بمعناها وبألفاظها حتى كلمة (قُلْ).
والخطاب ب (قُلْ) للنبي صلىاللهعليهوسلم وإذ قد كان قرآنا كان خطاب النبي صلىاللهعليهوسلم به يشمل الأمة حيث لا دليل على تخصيصه به ، فلذلك أمر النبي صلىاللهعليهوسلم بعض أصحابه بالتعوذ بهذه السورة ولذلك أيضا كان يعوّذ بهما الحسن والحسين كما ثبت في «الصحيح» ، فتكون صيغة الأمر الموجهة إلى المخاطب مستعملة في معنيي الخطاب من توجّهه إلى معيّن وهو الأصل ، ومن إرادة كلّ من يصح خطابه وهو طريق من طرق الخطاب تدل على قصده القرائن ، فيكون من استعمال المشترك في معنييه.
واستعمال صيغة التكلم في فعل (أَعُوذُ) يتبع ما يراد بصيغة الخطاب في فعل (قُلْ) فهو مأمور به لكل من يريد التعوذ بها.
وأما تعويذ قارئها غيره بها كما ورد أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يعوذ بالمعوذتين الحسن والحسين، وما روي عن عائشة قالت : «إن النبي صلىاللهعليهوسلم كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوّذات ، فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن وأمسح بيد نفسه لبركتها» ، فذلك