ذكي قابل للتأنس والتربية ، ضخم الجثة أضخم من البعير ، وأعلى منه بقليل وأكثر لحما وأكبر بطنا. وخف رجله يشبه خف البعير وعنقه قصير جدا له خرطوم طويل هو أنفه يتناول به طعامه وينتشق به الماء فيفرغه في فيه ويدافع به عن نفسه يختطف به ويلويه على ما يريد أذاه من الحيوان ، ويلقيه على الأرض ويدوسه بقوائمه. وفي عينيه خزر وأذناه كبيرتان مسترخيتان ، وذنبه قصير أقصر من ذنب البعير وقوائمه غليظة. ومناسمه كمناسم البعير وللذكر منه نابان طويلان بارزان من فمه يتخذ الناس منها العاج. وجلده أجرد مثل جلد البقر ، أصهب اللون قاتم كلون الفار ويكون منه الأبيض الجلد. وهو مركوب وحامل أثقال وأهل الهند والصين يجعلون الفيل كالحصن في الحرب يجعلون محفة على ظهره تسع ستة جنود. ولم يكن الفيل معروفا عند العرب فلذلك قلّ أن يذكر في كلامهم وأول فيل دخل بلاد العرب هو الفيل المذكور في هذه السورة.
وقد ذكرت أشعار لهم في ذكر هذه الحادثة في السيرة. ولكن العرب كانوا يسمعون أخبار الفيل ويتخيلونه عظيما قويا ، قال لبيد :
ومقام ضيّق فرّجته |
|
ببيان ولسان وجدل |
لو يقوم الفيل أو فيّاله |
|
زل عن مثل مقامي ورحل |
وقال كعب بن زهير في قصيدته :
لقد أقوم مقاما لو يقوم به |
|
أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل |
لظلّ يرعد إلا أن يكون له |
|
من الرسول بإذن الله تنويل |
وكنت رأيت أنّ .... قال إن أمه أرته أو حدثته أنها رأت روث الفيل بمكة حول الكعبة ولعلهم تركوا إزالته ليبقى تذكرة.
وعن عائشة وعتاب بن أسيد : رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان الناس.
والمعنى : ألم تعلم الحالة العجيبة التي فعلها الله بأصحاب الفيل ، فهذا تقرير على إجمال يفسره ما بعده.
[٢ ـ ٥] (أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (٤) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (٥))