العاديات ضبحا ، إنما العاديات ضبحا الإبل من عرفة إلى المزدلفة ومن المزدلفة إلى منى (يعني بذلك أن السورة مكية قبل ابتداء الغزو الذي أوله غزوة بدر) قال ابن عباس : فنزعت عن قولي ورجعت إلى الذي قال علي».
وليس في قول علي رضياللهعنه تصريح بأنها مكية ولا مدنية وبمثل ما قال علي قال ابن مسعود وإبراهيم ومجاهد وعبيد بن عمير.
والضبح لا يطلق على صوت الإبل في قول أهل اللغة. فإذا حمل (الْعادِياتِ) على أنها الإبل ، فقال المبرد وبعض أهل اللغة : من جعلها للإبل جعل (ضَبْحاً) بمعنى ضبعا ، يقال : ضبحت الناقة في سيرها وضبعت ، إذا مدت ضبعيها في السير. وقال أبو عبيدة : ضبحت الخيل وضبعت ، إذا عدت وهو أن يمد الفرس ضبعيه إذا عدا ، أي فالضبح لغة في الضبع وهو من قلب العين حاء. قال في «الكشاف» : «وليس بثبت». ولكن صاحب «القاموس» اعتمده. وعلى تفسير (الْعادِياتِ) بأنها الإبل يكون الضبح استعير لصوت الإبل ، أي من شدة العدو قويت الأصوات المتردّدة في حناجرها حتى أشبهت ضبح الخيل أو أريد بالضبح الضبع على لغة الإبدال.
وانتصب (ضَبْحاً) فيجوز أن يجعل حالا من (الْعادِياتِ) إذا أريد به الصوت الذي يتردد في جوفها حين العدو ، أو يجعل مبينا لنوع العدو إذا كان أصله : ضبحا.
وعلى وجه أن المقسم به رواحل الحج فالقسم بها لتعظيمها بما تعين به على مناسك الحج. واختير القسم بها لأن السامعين يوقنون أن ما يقسم عليه بها محقق ، فهي معظمة عند الجميع من المشركين والمسلمين.
والموريات : التي توري ، أي توقد.
والقدح : حكّ جسم على آخر ليقدح نارا ، يقال : قدح فأورى. وانتصب (قَدْحاً) على أنه مفعول مطلق مؤكّد لعامله. وكل من سنابك الخيل ومناسم الإبل تقدح إذا صكّت الحجر الصّوّان نارا تسمى نار الحباحب ، قال الشنفري يشبّه نفسه في العدو ببعير :
إذا الأمعز الصّوّان لاقى مناسمي |
|
تطاير منه قادح ومفلّل |
وذلك كناية عن الإمعان في العدو وشدة السرعة في السير.
ويجوز أن يراد قدح النيران بالليل حين نزولهم لحاجتهم وطعامهم ، وجوز أن يكون الموريات (قَدْحاً) مستعار لإثارة الحرب لأن الحرب تشبّه بالنار. قال تعالى : (كُلَّما