الكنيسة سنة ، فلما وضعت جارية. قالوا : كيف تخدم الكنيسة امرأة ، وهي تحيض ، فألقوا الأقلام التي كانوا يكتبون بها الوحي ، فاستهموا بالأقلام أيّهم يكفل مريم ، فخرج سهم زكريا ، وكانت خالتها (١) عنده ، فكان عيسى ويحيى ابني خالة ، وكانوا من بني إسرائيل.
أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة السلمي ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا محمّد بن أحمد ، أنا أحمد بن سندي (٢) بن الحسن ، نا إسماعيل بن عيسى (٣) ، أنا إسحاق بن بشر قال : وأنا جويبر ومقاتل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس في قوله الله تعالى : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ)(٤) واختار من الناس لرسالته آدم (وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ) وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط (وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ)(٥) يعني اختارهم للنبوة والرسالة على عالمي ذلك الزمان ، فهم (ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ) فكل هؤلاء من ذرية آدم ، ثم من ذرية نوح ، ثم من ذرية إبراهيم قوله تعالى : (إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ) بن ماتان (٦) ، واسمها حنة بنت واقود (٧) وهي أم مريم (رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً) وذلك أن أم مريم حنة كانت جلست عن الولد والمحيض ، فبينا هي ذات يوم في ظل شجرة ، إذ نظرت إلى طير يزقّ فرخا له ، فتحركت نفسها للولد فدعت الله أن يهب لها ولدا فحاضت من ساعتها ، فلمّا طهرت أتاها زوجها فلمّا أيقنت بالولد قالت : لئن نجاني الله ووضعت ما في بطني لأجعلنه محررا وبنو ماتان (٨) من ملوك بني إسرائيل من نسل داود ، والمحرر لا يعمل للدنيا ، [ولا يتزوج](٩) ويتفرّغ لعمل الآخرة ويعبد الله ويكون في خدمة الكنيسة ، ولم يكن يحرر في ذلك الزمان إلا الغلمان فقالت لزوجها : ليس جنس من جنس الأنبياء إلّا وفيهم محرر غيرنا ، وإني جعلت ما في بطني نذيرة. تقول : قد نذرت أن أجعله لله فهو المحرر ؛ فقال زوجها : أرأيت إن كان
__________________
(١) كذا بالأصل و «ز» هنا. وجاء في البداية والنهاية ٢ / ٦٩ أن زكريا أن يستبد بها دونهم من أجل أن زوجته أختها أو خالتها على القولين ، إلى أن يقول : أن الخالة بمنزلة الأم.
(٢) بالأصل و «ز» : سيدي ، تصحيف.
(٣) أقحم بعدها بالأصل : «أنا إسحاق بن عيسى» والمثبت يوافق ما جاء في «ز» ، والمطبوعة.
(٤) سورة آل عمران ، الآية : ٣٣.
(٥) سورة آل عمران ، الآية : ٣٤.
(٦) بالأصل : ماثان ، والمثبت عن «ز».
(٧) بالأصل : وافود ، والمثبت عن «ز» ، والبداية والنهاية : فاقود.
(٨) بالأصل : ماثان.
(٩) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن «ز».