لما حمل النبوة تفسّخ تحتها كما يتفسخ الربع تحت الحمل الثقيل.
وقولها : ولا عاطفة ، تريد الواحدة من الضأن ، ولا نافطة : الواحدة من المعز. يقال : نفطت العنز وعفطت الضائنة. وهما منهما كالامتخاط والاستنثار من الناس ، فكأنها قالت : لم تدع عنزا ولا ضأنا ، ومثل هذا قولهم : ما له سبد ولا لبد. يريدون : شاة ولا ناقة. وقد يقال للصوف لبد. والسبد : الشعر ، ونظير هذا قولهم : لم يبق له ثاغية ولا راغية. أي شاة ولا بعير ، والثغاء صوت الغنم ، والرغاء صوت الإبل ، ومن الرغاء قول الشاعر :
رغا فوقهم سقب السماء فداحص |
|
بشكته (١) لم يستلب وسليب (٢) |
يعني سقب ناقة صالح ، ومثله قولهم (٣) :
فلما رأى الرحمن أن ليس منهم |
|
رشيد ولا ناه أخاه عن الغدر |
وصب عليهم تغلب ابنة وائل |
|
فكان عليهم مثل راغية البكر |
ومن السّبد قول الشاعر :
أما الفقير الذي كانت حلوبته |
|
وفق العيال فلم يترك له سبد (٤) |
وفي الطير ، طائر يقال له : السبد لوفور ريشه.
وقولها : فما ولد الابكار والعون مثله. العون جمع عوان وهي بين الكبيرة والصغيرة ، قال الله تعالى في صفة بقرة بني إسرائيل (إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ)(٥) ، ويقال : حرب عوان إذا لم تكن مبتدأة ، وحاجة عوان إذا لم تكن بكر الحاج ، قال الشاعر (٦) :
قعودا لدى الأبواب طالب حاجة |
|
عوان من الحاجات أو حاجة بكرا |
ومما نستحسنه لبعض المحدثين في معاتبته بعض ذوي الخيانة من الاخوان (٧) :
وكنت أخي بإخاء الزمان |
|
فلما انقضى صرت حربا عوانا |
__________________
(١) بالأصل و «ز» : يسكنه ، والمثبت عن الجليس الصالح.
(٢) البيت في تاج العروس (دحص) ونسبه إلى علقمة بن عبدة.
(٣) في الجليس الصالح : ومثله قول الشاعر.
(٤) البيت في تاج العروس (فقر) ونسبه للراعي يمدح عبد الملك بن مروان.
(٥) سورة البقرة ، الآية : ٦٨.
(٦) الشاعر هو الفرزدق ، والبيت في ديوانه ١ / ١٨٨ ط بيروت.
(٧) نسب البيتان بحواشي الجليس الصالح إلى إبراهيم بن العباس الصولي يقولهما في محمد بن عبد الملك الزيات.