عليه امرأة لم ير أجمل منها ، فعثرت أو تعاثرت فقالت : يا ليلى فقال : ومن ليلى؟ قالت : ابنة الجودي ، قال : وليلى أحسن منك ، قالت : عجوز معها : فتحب أن أريكها؟ قال : نعم ، فنظر إليها وقال فيها شعرا (١) :
تذكرت ليلى والسماوة دونها |
|
وما لابنة الجودي ليلى وما ليا |
وأنّى تعاطى قلبه (٢) حارثية |
|
تدمّن (٣) بصرى أو تحل الجوابيا |
وأنّى تلاقيها؟ بلى ، ولعلها |
|
إن (٤) الناس حجوا قابلا أن توافيا |
قال : فقال عمر بن الخطاب : وكتب إلى عامل دمشق : إن فتح الله لكم دمشق ، فأسلموا ابنة جودي إلى عبد الرّحمن بن أبي بكر ، فأسلموها إليه ، فقدم بها ، وآثرها على نسائه ، فشكونه إلى عائشة ، فلامته فيها ، وقالت : أتاوية (٥) جئت بها تؤثرها على نسائك؟ فقال : إني والله لكأني أرشف بأنيابها حبّ الرمان قال : فعمل بها شيء حتى سقطت أسنانها سنا سنا ، قال : فتركها عبد الرّحمن قالت : فكنت أعاتبه لها كما كنت أعاتبه فيها ، فقال : ليس لها عندي شيء ، قلت له : امرأة شريفة ، خلّ سبيلها ، فخلّى سبيلها ، وردّها إلى أهلها.
أخبرنا أبو سعد بن البغدادي ، أنا محمود بن جعفر ، [أنا عمّ أبي الحسين بن أحمد بن جعفر](٦) نا إبراهيم بن السندي ، نا الزبير بن بكار ، حدّثني محمّد بن الضحاك الحزامي ، عن أبيه ، عن عبد الرّحمن بن أبي الزناد قال : خرج عبد الرّحمن بن أبي بكر الصدّيق إلى الشام فمرّ بابنة الجودي وحولها نسوة فأعجب بها فقال لها :
تذكّرت ليلى والسماوة دونها |
|
وما لابنة الجودي ليلى وما ليا |
وأنّى تعاطي قلبه حارثية |
|
تدمن بصرى أو يحل الجوابيا |
وأنّى تلاقيها بلى ولعلها |
|
إن الناس حجّوا قابلا أن توافيا |
قال أبو عبد الله : فلما جهز عمر بن الخطاب جيوشه إلى الشام أمر عامل الجيش إن
__________________
(١) الأبيات في نسب قريش ص ٢٧٦ ومصارع العشاق ٢ / ٢١٤ والأغاني ١٧ / ٢٧٣.
(٢) في مصارع العشاق : ذكره ، وفي نسب قريش : ذكرها.
(٣) في المصارع : تقيم.
(٤) كذا بالأصل و «ز» والمصارع ، وفي نسب قريش والأغاني : إذا.
(٥) سمي الرجل الغريب أتيا وأتاويا والجمع أتاويون. وقال الأصمعي : الأتي الرجل يكون في القوم ليس منهم ، وقال الكسائي : الأتاوي الغريب الذي هو في غير وطنه. ونسوة أتاويات (تاج العروس : أتى) طبعة دار الفكر ١٩ / ١٣٦.
(٦) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، واستدرك لتقويم السند عن «ز».