خير الخلائق وابن عمّ محمّد |
|
وكفى بذلك والعدو تهدد |
ما زال مذ عرف الحروب مظفرا |
|
والنصر فوق لوائه ما يفقد |
قال : قد كان ذلك يا أمير المؤمنين ، وإنا لنطمع بك خلفا ، قال رجل من جلسائه : كيف يا أمير المؤمنين وهي القائلة :
إما هلكت أبا الحسين فلم تزل |
|
بالحق تعرف هاديا مهديا |
فاذهب عليك سلام ربك ما دعت |
|
فوق الغصون حمامة قمريا |
قالت : يا أمير المؤمنين ، لسان نطق ، وقول صدق ، ولئن تحقق فيك ما ظننا فحظك وافر ، والله ما أورثك الشناءة في قلوب المسلمين إلّا هؤلاء ، فادحض مقالتهم ، وأبعد منزلهم ، فإنك إن فعلت ازددت بذلك من الله قربا ، ومن المسلمين حبا ، قال : إنك لتقولين ذلك! قالت : سبحان الله ، والله ما مثلك [مدح](١) بباطل ، ولا اعتذر إليه بكذب ، وإنك لتعلم ذلك من رأينا (٢) وضمير قلوبنا. كان والله عليّ أحب إلينا منك إذ كان حيا. وأنت أحب إلينا من غيرك إذ أنت باق ، وقال : ممن؟ قالت : من مروان بن الحكم وسعيد بن العاص. قال : وبم استحققت ذلك عليهما؟ قالت : بحسن حلمك ، وكرم عفوك. قال : وإنهما ليطمعان في ذلك؟ قالت : هما والله لك من الرأي على ما كنت عليه لعثمان. قال : والله لقد قاربت. فما حاجتك؟ قالت : إن مروان بن الحكم تبنّك بالمدينة تبنّك من لا يريد البراح منها لا يحكم بعدل ، ولا يقضي بسنّة ، يتتبع عثرات المسلمين ، ويكشف عورات المؤمنين ، حبس ابن ابني ، فأتيته ، فقال كيت وكيت ، فألقمته أخشن من الحجر ، وألعقته أمرّ من الصاب (٣).
قال أبو عبد الله : الصاب : الحضيض. قال القاضي : الحظظ بالظاء وهو معروف ، قال أبو ذؤيب الهذلي (٤) :
نام الخلي وبت الليل مشتجرا |
|
كأن عيني فيها الصاب مذبوح |
مذبوح : مشقوق ، والذبح : الشق ، قال الشاعر (٥) :
__________________
(١) سقطت من الأصل ، وقوله : «مدح بباطل» استدرك على هامش «ز» ، والمثبت عن الجليس الصالح.
(٢) بالأصل و «ز» : «ورائنا» والمثبت عن الجليس الصالح.
(٣) بالأصل و «ز» : الصبر ، والمثبت عن الجليس الصالح.
(٤) شرح أشعار الهذليين ١ / ١٢٠.
(٥) الرجز في اللسان (ذبح) ونسبه إلى منظور بن مرثد الأسدي.