وبلغني عن المدائني أن العباس بن الوليد بن عبد الملك لما وجهه الوليد بن يزيد بن عبد الملك لإحصاء ما في خزائن هشام ، أمره أن لا يعرض لمسلمة بن هشام لأنه كان يكفّ أباه عن الوليد ، وكان مسلمة يشرب ، فلما قدم العباس كتبت إليه أم سلمة : إنّ مسلمة ما يفيق من الشراب ، ولا يهتم بشيء مما فيه إخوته ، ولا لموت أبيه ، فلمّا راح مسلمة إلى العباس قال له : يا مسلمة كان أبوك يرشّحك للخلافة ، ونحن نرجوك لغير ما بلغني عنك ، وأنبه وعاتبه على الشراب ، فأنكر مسلمة ذلك وقال : من أخبرك بهذا؟ قال : كتبت إليّ أم سلمة ، فطلّقها في ذلك المجلس ، فخرجت إلى فلسطين وبها كانت تنزل ، فتزوجها أبو العباس السفاح هناك.
أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، عن أبي الحسن الدارقطني.
[ح](١) وقرأت على أبي غالب بن البنا ، عن أبي الفتح عبد الكريم بن محمّد ، أنا الدارقطني.
نا أبو علي الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي [قال](٢) قال أبو الفضل الربعي : نا إسحاق الموصلي ، أخبرني أبو عبد الله الزبيري قال :
كانت أم سلمة بنت يعقوب بن سلمة بن عبد الله بن الوليد بن الوليد بن المغيرة عند عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك ، ثم خلف عليها أبو شاكر مسلمة بن هشام بن عبد الملك ، فإما فارقها وإمّا مات عنها ، فخرجت مع جواريها وحشمها مبتدية (٣) نحو الشراة ، فبينا هي ذات يوم جالسة إذ مرّ بها أبو العباس عبد الله بن محمّد بن علي بن عبد الله بن العباس ، وهو يومئذ عزب ، فأرسلت إليه مولاة لها تعرض عليه أن يتزوجها ، فجاءته الجارية فأبلغته السلام ، وأدت إليه الرسالة فقال : أبلغيها السلام ، وأخبريها برغبتي فيها ، وقولي لها : لو كان عندي من المال ما أرضاه لك فعلت ، فقالت لها : قولي له : هذه سبعمائة دينار ، أبعث بها إليك ، وكان لها مال عظيم ، وجوهر ، وحشم كثير ، فأتته المرأة فعرضت ذلك عليه ،
__________________
(١) «ح» حرف التحويل سقط من الأصل واستدرك عن «ز».
(٢) سقطت من الأصل والمطبوعة ، وزيدت عن «ز».
(٣) كذا بالأصل و «ز» ، يقال : بدا القوم بدوا أي خرجوا إلى باديتهم ، وتبدّى الرجل : أقام في البادية.