أحمد بن معروف ، نا الحسين بن فهم ، نا محمّد بن سعد (١) ، أنا محمّد بن عمر ، حدّثني عبد الحميد بن جعفر ، عن أبيه قال :
شهد خالد بن سعيد فتح أجنادين ، وفحل ومرج الصّفّر ، وكانت أم حكيم بنت الحارث ابن هشام تحت عكرمة بن أبي جهل ، فقتل عنها بأجنادين ، فاعتدت (٢) عنه أربعة أشهر وعشرا ، وكان يزيد بن أبي سفيان يخطبها وكان خالد بن سعيد يرسل إليها في عدّتها يتعرض للخطبة ، فحطّت (٣) إلى خالد بن سعيد فتزوجها على أربع مائة دينار ، فلما نزل المسلمون مرج الصّفّر أراد خالد أن يعرس بأم حكيم ، فجعلت تقول : لو أخّرت الدخول حتى يفضّ الله هذه الجموع ، فقال خالد : إن نفسي تحدثني أنّي أصاب في جموعهم قالت : فدونك ، فأعرس بها عند القنطرة التي بالصّفّر ، فبها سميت قنطرة أم حكيم ، وأولم عليها في صبح مدخله ، فدعا أصحابه على الطعام ، فما فرغوا من الطعام حتى صفت الروم صفوفها خلف صفوف ، وبرز رجل منهم معلم يدعو إلى البراز ، فبرز إليه أبو جندل بن سهيل بن عمرو العامري ، فنهاه أبو عبيدة ، فبرز حبيب بن مسلمة فقتله حبيب ورجع إلى موضعه ، وبرز خالد ابن سعيد فقاتل فقتل ، وشدّت أم حكيم بنت الحارث عليها ثيابها وعدت (٤) وإنّ عليها لردع الخلوق (٥) في وجهها ، فاقتتلوا أشدّ القتال على النهر فصبر الفريقان جميعا ، وأخذت السيوف بعضها بعضا فلا يرمى بسهم ، ولا يطعن برمح ، ولا يرمى بحجر ، ولا يسمع إلّا وقع السيوف على الحديد وهام الرجال وأبدانهم وقتلت أم حكيم يومئذ سبعة بعمود الفسطاط الذي بات فيه خالد بن سعيد معرسا بها ، وكانت وقعة مرج الصّفّر في المحرم سنة أربع عشرة في خلافة عمر بن الخطاب.
أخبرنا أبو علي الحسين (٦) بن علي بن أشليها ، وابنه (٧) أبو الحسن علي ، قالا : أنا أبو
__________________
(١) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٤ / ٩٨.
(٢) في طبقات ابن سعد : «فأعدت أربعة أشهر». وعدة المرأة المطلقة والمتوفى زوجها هي ما تعده من أيام أقرائها أو أيام حملها أو أربعة أشهر وعشر ليال ، وقد اعتدت المرأة عدتها من وفاة زوجها أو طلاقه إياها (تاج العروس : عدد).
(٣) بالأصل : «فحظت» وفي «ز» : «فخطب» والمثبت عن ابن سعد.
(٤) بالأصل و «ز» : وغدت ، والمثبت عن ابن سعد.
(٥) عند ابن سعد : «لدرع الحلوق» وفي «ز» : «لردع الخلوف» والردع : أثر الخلوق والطيب في الجسد ؛ والخلوق : ضرب من الطيب.
(٦) بالأصل و «ز» : الحسن.
(٧) في «ز» : أبيه.