فكتب إليه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم صالح قريشا يوم الحديبية على أن يردّ عليهم من جاء بغير إذن وليّ ، فكان يرد الرجال ، فلمّا هاجر النساء أبى الله ذلك أن يردّهنّ إذا امتحنّ بمحنة الإسلام ، فزعمت أنها جاءت راغبة فيه ، وأمر أن يردّ صدقاتهن إليهم (١) إذا حبسوا (٢) عنهم ، وأن يردّوا عليهم مثل الذي يردّ عليهم إن فعلوا. فقال : (وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ) وصبّحها أخواها من الغد ، فطلباها ، فأبى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يردّها إليهما ، فرجعا إلى مكة ، فأخبرا قريشا فلم يبعثوا في ذلك أحدا ، ورضوا بأن يحبس النساء (وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ، وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا)(٣) قال : إن فات أحدا منهم أهله إلى الكفار. فإن أتتكم امرأة منهن فأصبتم غنيمة أو فيئا فعوّضوهم مما أصبتم صداق المرأة التي أتتكم ، فأما المؤمنون فأقروا بحكم الله ، وأبى المشركون أن يقروا بذلك ، وإن ما فات (٤) للمشركين على المسلمين من صداق من هاجر من أزواج المشركين ، (فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ) من مال المشركين في أيديكم ، ولسنا نعلم امرأة من المسلمين فاتت زوجها بلحوق المشركين بعد إيمانها ، ولكنه حكم الله حكم الله به لأمر إن كان والله عليم حكيم (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ)(٥) يعني من غير أهل الكتاب ، فطلق عمر بن الخطاب مليكة ابنة أبي أمية فتزوجها معاوية بن أبي سفيان ، وطلق عمر أيضا بنت جرول الخزاعية ، فتزوجها أبو جهم بن حذيفة ، وطلّق عياض بن غنم الفهري أم الحكم بنت أبي سفيان يومئذ فتزوجها عبد الله بن عثمان الثقفي ، فولدت له عبد الرّحمن ابن أم الحكم.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان ، نا ابن أبي الدنيا ، حدّثني سليمان بن الأشعث ، أن الهيثم بن عمران حدّثهم عن أبي مسهر عن خالد بن يزيد بن صبيح حدّثني يعقوب بن عثمان حدّثني عبد الرّحمن ابن أم الحكم حدثتني أمي أم الحكم أنها كانت عند معاوية حين أغمي عليه فأفاق فأراد أن يريهم فقال :
وهل من خالد إما هلكنا |
|
وهل بالموت يا للناس عار |
__________________
(١) يعني إلى رجالهم.
(٢) كذا بالأصل ، وفي ابن سعد : «احتبسوا» وفي المغازي : «احتبسن» وكانت في أصلها : احتبسوا عنهم.
(٣) سورة الممتحنة ، الآية : ١١.
(٤) في المغازي : ذاب.
(٥) سورة الممتحنة ، الآية : ١٠.