ومنها : أنّه لا تجوز نيّتان لعملين في عمل واحد لا ابتداء ولا استدامةً ، فإذا دخل في عمل بنيّة استمرّ عليه ، ولم يجز عدوله إلى عمل آخر إلا في بعض الأقسام كما سيجيء بيانه.
ولا يجوز قيام العمل الواحد مقام عملين مع نيّتهما أو نيّة أحدهما ، إلا فيما قامت عليه الحجّة ؛ للأصل وظاهر الأدلّة ، كما لا يجوز جمع عملين مستقلّين أو مترتّبين بنيّة واحدة ، إلا فيما يقع فيه الإشاعة ، كدفع قدر من المال من هاشميّ إلى مثله ، على أن يكون نصف منه زكاة ، ونصف خمساً.
ومنها : أنّ نيّة الطاعة طاعة يثاب عليها ، وإن لم يترتّب عليها عمل لحصول مانع ، ونيّة المعصية قبيحة ومعصية. وربما دخل بعض أقسامها في الكبائر العظام ، كنيّة قتل نبيّ أو إمام.
لكنّ الذي يظهر من الأدلّة أنّه لا يعاقب الناوي إلا بعد فعل المعصية (١) وفي العقاب عليهما معاً أو على المعصية وحدها وجهان ، والظاهر أنّ العفو مختصّ بأهل الإيمان دون غيرهم.
المبحث الرابع : فيما تضمّن لزوم المحافظة (٢) عليها
وكفى بالعقل شاهداً عليه ، بعد حكمه بوجوب شكر المنعم ثمّ في كلّ ما ورد في الكتاب والسنّة من الأمر بالعبادة والعبوديّة والسمع والطاعة والامتثال والانقياد والتسليم والإخلاص ونحوها أبين شاهد على ذلك ؛ لتوقّفها عليها.
وكذا الأخبار البالغة حدّ التواتر المعنوي ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في عدّة أخبار : «لا قول إلا بعمل ، ولا عمل إلا بنيّة ، ولا قول ولا عمل إلا بإصابة السنّة» (٣)
__________________
(١) قرب الإسناد : ٩ ح ٢٨ ، التوحيد : ٤٠٨ ح ٧ ، الوسائل ١ : ٣٦ أبواب مقدّمة العبادات ب ٦.
(٢) في «ح» : المخالفة.
(٣) الكافي ٢ : ٨٤ ح ١ ، التهذيب ٤ : ١٨٦ ح ٥٢٠ ، بصائر الدرجات ٣١٠ ح ٤ ، الوسائل ١ : ٣٣ أبواب مقدّمة العبادات ب ٥ ح ١ ٤.