فإنّهم لم يزالوا يتركون أفضل الأشياء من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمواعظ والنصائح وهي أفضل الأعمال لصلاة نافلةٍ راتبة ، أو غير راتبة ولعيادة مريض ، وتشييع جنازة ، وزيارة مؤمن ، ومشايعته ، واستقباله.
فمن أمعن في طريقة الشرع نظره ، وأجال في تضاعيف الأخبار فكره ؛ علم بوجه اليقين أنّ الجمع بين الراجح والمرجوح من السنن ، سيرة سيّد المرسلين والأئمّة الطاهرين ، وجميع العلماء العاملين خلفاً بعد سلف.
(وقد يعرض الرجحان بسبب تعدّد المكان ، ويجري في جميع العبادات ، لمقتضى التعليل في الصلاة من شهادة الأمكنة) (١).
المقصد الحادي والعشرون
في أنّ الراجح من العبادات قد يعارضه ما هو أرجح منه ، بحيث لا يمكن الجمع بينهما ، وهو ضربان :
منه : ما ينسخ رجحان المرجوح منها فلا يبقى صحيحاً ، كالنذر ونحوه ، والصوم بدون إذن المولى والوالد والزوج ، أو بشرط منع الأخيرين على اختلاف الرأيين لأنّ التوقّف على أمرهم وتقديم استئذانهم أهمّ في نظر الشارع من الدخول فيها من دون ذلك ، فحكم بفسادها لذلك ، وفي باقي المندوبات يتّحد الحال في العبد في كلّ ما له تصرّف بالبدن.
وفي غير المملوك ، أو فيه فيما لا يدعى تصرّفاً من حركة أو سكون أو مقال أو بعض جزئيّات الأفعال إنّما يحرم بالمنع.
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».