وأمّا من عمل بزعم العذر فبان خلافه فالأقوى بطلان عمله ؛ لأنّ بناء الشرائط والموانع على الواقع دون العلم هذا في البدنيّة الصرفة أو البدنيّة الماليّة كالحجّ والعمرة.
وأمّا الماليّة كالزكاة والخمس ونحوهما فلا تصحّ من أصحاب الأعذار إذا وصلت إلى غير أهلها على الأقوى ؛ لأنّها بحكم الأمانات ، وهي لا تصحّ مع عدم الوصول إلى أهلها لكنّ العذر يرفع الضمان.
ولو عمل بنفسه ما يقتضي العذر ، كأن أراق الماء أو جرح أو كسر بعض الأعضاء ، فعمل عمل العذر ، فإن كان عمله قبل دخول الوقت فلا إثم ولا فساد ، وإن كان بعده ترتّب الإثم من جهة العمل ولا فساد.
وفي لزوم معالجة دفع ما به من الأمراض ونحوها بالدواء والرجوع إلى الأطبّاء وعدمهما وجهان ، أقواهما الثاني. والقول بالتفصيل بين المستدعي للطول أو كثرة العمل وغيره ، فلا يجب في الأوّل ويجب في الثاني ؛ لا يخلو من قوّة.
وأصحاب الأعذار في المعاملات والإيقاعات كالنكاح والطلاق بالفارسيّة أو بالإشارة فيها أو في غيرها مع انعقاد اللسان إذا ارتفع العذر بعد الإتيان بها لا تعاد ، ولو عرض الارتفاع في الأثناء للموجب القابل مثلاً يجري فيه ما مرّ سابقاً.
ولو ارتفع العذر في الهبة والصرف ونحوهما قبل القبض فالأقوى الاكتفاء بالماضي وعدم الإعادة ، وارتفاع العذر في المقدّمات أقرب إلى إيجاب الإعادة منه في الغايات ، وربما يدّعى الإجماع على قطعها ووجوب الإعادة فيها.
ووجدان الماء في أثناء التيمّم مفسد له من غير ريب. وتقوى الصحّة مع انقطاع الحدث في المسلوس والمبطون.
المقصد الرابع عشر
في أنّ حقيقة التحريم والكراهة والإباحة منافية للعبادة ، لاشتراكها في اقتضاء عدم رجحان الفعل ، وهو منافٍ لحقيقتها ، فتبقى دائرة بين الوجوب والندب ، فإن فقد الوصفان فسدت وحرمت ؛ لدخولها في التشريع المنهيّ عنه.