أو لقربه ، أو لخوف تسافل منزلته ، أو ما تركّب من الاثنين أو الثلاثة ، وهكذا إلى غير ذلك.
ولو أدخل المخلوق متعدّداً أو لا ، أصليّاً أو لا ؛ قاصداً لأحد الوجوه المذكورة بطل العمل ، ويعرف الحال بمقايسة حال العبيد مع مواليهم.
وهي روح العمل ، وبها تختلف مراتب الأولياء والمقرّبين ، وبها تكون العبادة عبادة ، والطاعة طاعة ، والعابد عابداً ومطيعاً وممتثلاً ومؤتمراً ومنقاداً ، فإنّ العبد لو أتى بما أمره به مولاه قاصداً به امتثال أمر غيره ، أو بغير قصد ، عُدّ عاصياً ، واستحقّ المؤاخذة.
ويشترط فيما لوحظ فيه جلب الفوائد أو دفع المفاسد ، دنياوية أو أُخرويّة ؛ ألا تختصّ إحداهما بالقصد بالأصالة دون القربة.
ولو كان كلّ منهما ومن القربة سبباً تامّاً فلا بأس ، بخلاف ما إذا كان كلّ واحدٍ جزء سبب ، ولا سببيّة له إذا استقلّ ، أو كان السبب الأصليّ غير القربة وهي ضميمة تابعة ، فتكون بمنزلة المعاوضة (١) ، فإنّه لا صحّة للعبادة حينئذٍ ، سواء قصد جلب الثواب ودفع العقاب الدنياويّين (أو الأُخرويين الواقعين بواسطة المخلوق وبدونه) (٢).
نعم لو جعل التقرّب ونحوه وسيلة فلا مانع ، ولا منافاة فيه للإخلاص والعبودية ، فإنّ العبد إنّما يطلب الجزاء بالقرب إلى مولاه.
والأولى عدم إدخال المقصد الدنياوي في غير المنصوص كصلاة الاستسقاء ، والاستطعام ، والحاجة ، والاستخارة وجلب النعم ودفع النقم ، ونحوها.
ولا بأس بضمّ الرواجح كالتقيّة ، وانتظار الجماعة ، وتخصيص الأرحام والأصدقاء ، وإعلاء الصوت بالذكر أو القراءة أو الدعاء ؛ لسماع المنادي أو زجر العاصي ، أو إيقاظ النائم ، وتنبيه الغافل على العبادة ، أو بعض الأُمور الراجحة كما إذا قصد بالانغماس بالماء البارد أو الحارّ دفع بعض المضارّ (٣).
__________________
(١) في «ح» : المعارضة.
(٢) بدل ما بين القوسين في «س» ، «م» : والأُخرويين.
(٣) هذا مثال للمقصد الدنياوي الغير المنصوص.